للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

حيث نادى بموجب تدوين التاريخ على صورة أرقام وإحصائيات ناطقة تتكلم للناس بصراحة وبدون خجل، مثل المعادلات الرياضية أو الكيماوية. أما وصف الحوادث وتدوينها على رأيه فذلك من وظائف الآداب.

ومن الذين نحوا منحى (كونت) في ألمانيا المؤرخ الألماني (كارل لامبرشت) الذي سار على أكثر الأسس التي وضعها ذلك الفيلسوف الفرنسي وطبقها في التاريخ الاجتماعي. وقد أشاد بالقيم التاريخية للجماعات وبأنها هي الموجهة للتاريخ متجاهلا بذلك (عامل الفرد) في التاريخ وتأثير الأفراد في الجماعات. وقد أدى ذلك إلى احتدام النزاع بين المؤرخين في موضوع مهم جداً: هل التاريخ من صنع الأفراد أم من صنع الجماعات؟ وأيهما أقوى أثرا في سير الحوادث البشرية؛ فكان من تأثير ذلك ظهور رسالة في موضوع (أهمية الشخصية في التاريخ بالنظر إلى مقدمة بلوشي في التاريخ اليونان).

وقد اصطدم (لامبرشت) بأكثر المؤرخين من أتباع طريقة المؤرخ (رانكه) في تدوين التاريخ.

غير أن هنالك جماعة سارو على نهج آخر في تفسير التاريخ البشري هو نهج الفيلسوف الشهير (كانت) ومثل هؤلاء (فيشته) و (شلنك) و (هيكل) غير أن أعظم ممثل لنظرية (كانت) في التاريخ هو المؤرخ الشهير (ليويولدفون رانكه) الذي اهتمعلى الأخص بالبحث في (نظرية الفكرة) وأهمية الدولة والفرد. وقد انتقلت آراؤه إلى تلاميذه ومريديه.

ومن أهم النقاط التي بحثت فيها مدرسة (رانكه) هي كيفية اشتراك الشعوب العالمية كلها في تكوين (التاريخ) والحرية والجماعة وعلاقة الفرد بالحكومة، وكيف أمكن الجمع بين الحرية والإرادة الحرة للأفراد، وتكوين التاريخ العالمي. وحكم الضرورة الذي أجبر الإنسان على تقييد حريته طائعا مختاراً لئلا يقع في كفاح لا نهاية له، فاضطر إلى تكوين الحكومات والخضوع لأحكامها مع ما في ذلك من تضييق للحريات. فضمن بذلك من جهة أخرى أكبر قسط ممكن من الحرية للأفراد. وقد جاءت هذه الآراء في شعر الشاعر (شلر) كما جاءت في نظرية (هيكل) عن تطور العالم في نظريته عن تطور الـ أو (الفكرة) حتى وصلت إلى ما وصلت إليه في العهد الثالث وهو (العصر المسيحي الجرماني).

على أن هذا المذهب في التاريخ يقابله مذهب آخر هو المذهب التجريبي الانطباعي في

<<  <  ج:
ص:  >  >>