للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هجا بعض الشعراء رئيسا فقال:

شبخ مناه صغير مثل منبته ... أقصى المنى عنده لو صار مأذونا

لا رأي يعرضه إلا متابعة ... فرأيه دائماً من رأي (كرسونا)

ثم سار هذا الشيخ رئيساً له يملك نفعه وضره، فما أسرع ما تحول الشاعر وجاء يقول لهذا الشيخ.

عرفت أبى النفس لا تعرف الهوى ... ومن آفة الأخلاق أن يعرف النكر

أهنيك يا مولاي والناس كلهم ... يهنئني حتى سما بك لي قدر

ومثلك لا يزهي بغر قصائدي ... ولكن به تزهي قصائدي الغر

ومنها:

فقل لسكارى التيه موسى أتاكم ... أقلوا من الأدهام قد بطل السحر

وقل لبني المعمور أوسا وخزرجا ... تدارككم مأمونه الطاهر البر

وهكذا يصبح الرجل بين عشية وضحاها إنساناً آخر. فبالأمس كان أمعة لا رأي له وقد يتصرف فيه أحد مرءوسيه، وهو وضيع النشأة والمنى، واليوم صار أبي النفس يشبه بموسى مرة وبمحمد مرة أخرى.

حدثوا أن الخوارج لما جاءهم موت المصعب. سألوا عسكر المهلب وكانوا لا يعلمون. عن عبد الملك بن مروان فقالوا ضال مضل. ثم سألوهم في اليوم الثاني. بعد أن علموا باستقرار الأمر لعبد الملك فقالوا: أما هدى. فقالوا لهم: يا عبيد الدنيا بالأمس ضال مضل واليوم أمام هدى!

وبعد. أليس هذا الشاعر خليفة المتنبي في هذا فحسب. ولكن المتنبي لم يكن عالماً من علماء الأزهر. ولم يكن يدرس التفسير والحديث والأخلاق في كلية عالية.

محمد سرحان

أستاذ في البلاغة والأدب

ومدرس بكلية اللغة العربية

<<  <  ج:
ص:  >  >>