وكان مستعدا لأن يرجعني إليه في الحال، وقد علمت ذلك من الخطاب العجيب الذي بعث به إلي متحدثا في موضوع زواجي وفيه يقول:(إن سعادتك هي كل ما أعيش له، ي (بام). ولن يحل أحد مكانك من نفسي، وسأنتظرك إلى الأبد، فإذا أردتني مرة أخرى أو احتجت إلى. . .)
إن أردته؟ أو احتجت إليه! إنني لم أكن أشد حاجة إليه مما أنا الآن، ولكنني لم أكن لأستطيع الذهاب إليه وأنا أحمل جنين (روني) في أحشائي.
لقد فرح (روني) بهذا الخبر، وقال:(إن هذا الوليد سيبقينا معا) فخيل إلي أن هذه الكلمات معناها الحكم بالسجن الأبدي، فشعرت بما يشبه الجنون. . . الأمومة. . . . الرباط الوثيق. . . . وحماسة روني الفرحة كل ذلك أثار عوامل غضبي. فقبلت:
- وكيف يمكننا حتى أن نكفل هذا الوليد؟
على أننا قد استطعنا ذلك على صورة ما. وقد أصاب روني في ذلك كما أصاب في قوله إن الوليد سيبقينا معا - في بيت واحد، فلقد بقينا معا بالفعل سنتين على الأقل، سنتين امتزجت في خلالهما الفاقة في حياتنا بنشوة السرور.
لقد أحببت أنا وروني ابنتنا الصغيرة (سو) حبا مفرطا، ففي اللحظة التي وضعت فيها هذه الوليدة التي لا يزيد حجمها على حجم القطيطة، بين ساعدي، تحللت جميع عوامل البغضاء والغضب التي تملكتني تسعة أشهر طوال إلى شعور فياض بالرقة والمحبة. لقد كان صغر حجمها! ومعجزة وجودها وجمالها! كان كل ذلك باعث حب لا يطاوله حب ولا تدانيه أية عاطفة إنسانية.
كذلك قبضت (سو) على قلب (روني) بقبضتها الصغيرة، في حين أصبحت، أنا التي كنت حبيبته من قبل، ولا صفة لي إلا إنني أم ابنته ولا مهمة لي إلا السهر عليها والعناية بأمرها، فقد انصرف حبه كله إلى أرجوحتها الصغيرة. فقد ينفق من المال ملا قبل لنا به على ابتياع اللعب والملابس الصغيرة، وكان في أغلب الأوقات يجلس في الظلام إلى جانبها بعد أن تستغرق في النوم، وكان يقضي الوقت الطويل في ملاعبتها معتقدا أنه وحده هو الذي علمها المشي والكلام، وكان شديد التفاخر بأنها تشبهه بأنفها الشامخ، وابتسامتها الساحرة؛ فكانت حسبه من الحياة كلها، وقد احتلت من نفسه مكمن العواطف والخيال ولم