للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

تاريخ الحروب والمعارك التي كسبها مقاتلة الترك ثم أضاعها رجال السياسة والمواقف التي اكتسبها هولاء في ميادين السياسة وأضاعها رجال الحرب في ميادين القتال.

وبرزت تركة الرجل المريض المحتضر على حقيقتها محملة بالأعباء والمصائب وبدا المستقبل قاتما مظلما كالليل. تلك هي النواحي السلبية التي أخذت تساوره في الأيام التاريخية التي وقعت بين حملة الدردنيل وعودته من المانيا، قال (انه وجد أمامه بصيص نور من أنوار الأمل هو ذلك الضياء الذي ارتسم على مجه الجندي التركي في معركة أنا فارطة حينما لقي الموت وهو قرير العين، كانت ابتسامة تحمل الخلود للامة التي أنجبت هذا المقاتل الذي لقي ربه وهو ضاحك بعد ان أدى واجبه نحوها).

وكتب مصطفى كمال فقال: (لو قدر لهذا الجندي أن يجد القيادة الحازمة، ولو لمس الإخلاص الذي يشع من قلبه فوجده في قلوب الساسة والقادة لغير وبدل ما كتبه التاريخ في عصور الانحطاط ولأعاد مرة أخرى عهد الدماء القوية التي حملت الأعلام الحمراء إلى قلب أوربا وفرضت النصر في كل معركة دخلتها. إنها ليست أخطاء الشعب إنها خطايا القادة التي أوصلتنا إلى ما نحن فيه)

ولم يدر مصطفى كمال في تلك الفترة أن ابتسامة الشهيد التي رآها هي نفحة من نفحات الإسلام يرزقها المولى لمن ذاق حلاوة الإيمان في قلبه ولقي الموت وهو يؤدي فرض الجهاد ابتغاء مرضاة الله، وفي سبيل الله وعملا بما مره به الله. فهي ليست دليلا على تفوق العنصر بل هي آية من آيات الرسالة المحمدية للناس كافة.

إنني أكتب هذه الكلمات بعد إقامة سبعة سنوات بتركيا وبعد أن التقيت بمئات من المسلمين من أنحاء الأرض منهم من جاء من كاشغر عاصمة التركستان الصينية، ومنهم من كان في القرم وفي قفقاسيا وعلى نهر الفولجا: لأقرر أن الثورة الكمالية في عنفوان شدتها، والثورة الشيوعية بأساليبها التي لا يقرها العرف وكلاهما في إبان القوة والبطش لم يستطيعا التغلب على الإسلام في البلاد التي رسخ فيها، وان الذين خيل إليهم أن سلطان الإسلام قد زال من الأقاليم الآسيوية الخاضعة للسوفيت وان ظله قد تقلص من تركيا واهمون: وسيبعث الإسلام ودين محمد في تلك الجهات ويعود على صورة تبهر العالم.

إن أقوى التعاليم الدنيوية والنظريات لا تلبث أن تهوى وتذبل مع الزمن، أما قواعد الثورة

<<  <  ج:
ص:  >  >>