للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عليه السلطات الإنجليزية من مؤن ورجال ودواب وما إلى ذلك مما يطول القول فيه. وفي الفصل الثاني استقصى كل الأسباب التي بعثت على الثورة من سياسية واقتصادية واجتماعية، ورجع بها إلى سنين خلت. وبعد أن فصل القول في ذلك تفصيلاً قال: إن تأليف الوفد المصري قد جاء معجلاً لظهور هذه الثورة، ذلك بأن أعضاءه لما لم يذعنوا للإنذار البريطاني الذي يقضي بالا يجعلوا الحماية موضع مفاوضة، وألا يعرقلوا تأليف وزارة تخلف وزارة رشدي باشا ألقي القبض عليهم واعتقلوا (فكان ذلك بمثابة الشرارة الأولى التي أشعلت نار الثورة).

ثم مضى بعد ذلك يتحدث عن هذه الثورة التي شملت البلاد جميعاً مدنها وقراها، وعمت أهلها أفرادها وجماعاتها، وأسند حديثه بإحصاء دقيق لكل ما حاق بالبلاد من الفظائع التي اتخذها الإنجليز لقمعها، وشرح المحاكمات التي قضت بالقتل على المئين ممن اشتركوا فيها. ثم أنشأ يتكلم عن لجنة ملنر وما قوبلت به من إعراض الأمة ومقاطعتها إياها، ثم اضطرارها إلى مفاوضة الوفد المصري الذي كانت تتجاهله ولا تعترف به، وأفاض في القول عن مراحل هذه المفاوضة واستشارة الأمة في المشروع الذي انتهت إليه، ثم ما جرى بعد ذلك فيها إلى أن انتهى أمرها.

وعقد الفصل الأخير للكلام عما أدت إليه هذه الثورة وهل نجحت؟ وفيم كان نجاحها؟ وهو فصل ممتع يمتد بنا نفس القول لو عرضنا لتلخيص ما اشتمل عليه من تحليل عميق واستنباط سديد. ثم ختم الكتاب بوثائق قيمة منها عهود الإنجليز باحترام استقلال مصر ووعودها بالجلاء، وقد بلغت ستين عهداً ووعداً، ومنها معاهدة الآستانة المؤرخة ٢٩ أكتوبر سنة ١٨٨٨.

هذا عرض موجز ألممنا فيه بأطراف مما جاء في كتاب (ثورة سنة ١٩١٩). ولو كان الأمر لنا لأشبعنا القول في كل فصوله القيمة، ولكن صفحات الرسالة الغراء تحول الآن بيننا وبين ما نريد. ولعلنا - بهذه الكلمة الصغيرة - نكون قد أدينا بعض ما يجب علينا من تنويه وتقدير لمؤرخ العصر الحديث الذي قضى من عمره المبارك ما قضى في خدمة بلاده عملاً وتأليفاً، وكان من أقطاب هذه الثورة، وممن وقع عليهم من المحتلين من قبل شبوبها عنت الجور والإرهاق وظلم السجن والاعتقال. سدد الله خطاه، ووفقه في كل ما يتولاه.

<<  <  ج:
ص:  >  >>