اهتمام ريمي بالتاريخ الطبيعي، وهو اهتمام ما انفك هكسلي يبديه، وخاصة في كتابه:(سنة ١٩٢٨).
وفي أكسفورد نظم هكسلي قدرا كبيرا من الشعر، وهو دون كتاباته النثرية أهمية، ولكنه مع ذلك هام إذ يلقي ضوءا على مزاجه؛ لأنه يتجلى فيه شعور عاطفي خيالي ميال إلى المثل العليا، منهمك في الصراع بين العاطفة والعقل، ذلك الصراع الذي هو السبب في انقسام النفس، والذي تطور فيما بعد في كتابيه وسنة ١٩٣٢. والقصائد المبكرة تنم أيضا عن رجل حي عزوف عن الاختلاط بغيره من الرجال والنساء، يفرج إذ ينجو من حقائق الصراع الإنساني إلى عزلة عالم الأفكار المبهمة. وأبحاثه الحاضرة في التصوف والفلسفة الدينية تثمل عودة إلى تفضيله المتأصل هذا للحياة الباطنة، هذا التفضيل الذي ظل كمينا زمنا ما إذا حكمنا بكتاباته اللاإرادية التي نشرها في العقد الثالث من القرن العشرين، وهو الزمن الذي تصادف أن كان زمن مادية وكلبية عامة في إنكلترا.
وقد ظل هكسلي عدة سنوات تحت التأثير الشخصي الشديد للروائي د. هـ. لورنس، مؤلف وغيرها من الروايات الفذة. وقد تقابلا أول مرة في سنة ١٩١٥، ولكنهما لم يكثرا من رؤية أحدهما الآخر حتى السنوات من ١٩٢٦ إلى سنة وفاة لورنس. وقد كتب هكسلي ١٩٢٧ قائلا:(إن لورنس من الأفراد القلائل الذين أشعر نحوهم بتقدير وإعجاب حقيقي. فالأشخاص البارزون الآخرون الذين قابلتهم أشعر بأنني على أية حال أنتمي إلى نفس الجنس الذي ينتمون إليه. أما هذا الرجل فإن به شيئا مختلفا، وهو شيء أسمى في النوع لا في القدر).
وفي سنة ١٩١٩ تزوج هكسلي بماريا نانز، وهي بلجيكية؛ وله ابن واحد. وقد قضى قسما كبيرا من حياته خارج إنكلترا؛ عاش في فرنسا وإيطاليا وقام بأسفار واسعة في الهند وبورما (التي كتب عنها وصفا ممتعا في في سنة ١٩٢٦)، وفي المكسيك وغواتيمالا وهندوراس وجزائر الهند الغربية (اقرأ كتابه سنة ١٩٣٤). وهو منذ قبيل الحرب التي وضعت اليوم أوزارها يعيش في الولايات المتحدة الأمريكية وخاصة في كاليفورنيا.
وهكسلي في مظهره إنكليزي صميم، فهو طويل القامة رمادي العين، وشعره الكثيف مرتب إلى الوراء من الجبهة. وهو ذو أدب جذاب ساحر، والمرء في حضرته يلاحظ أولا صوته