وكان الحجازيون يدركون هذا الضعف فيها ويودون لو تنهض فتساير زميلاتها في الأقطار العربية، وفي ذلك يقول الأستاذ عبد الحميد عنبر:(من حسنات العهد السعودي هذه الروح الصحافية القوية التي نراها في أطراف البلاد، فقد شجعت حكومة جلالة الملك عبد العزيز الصحافة في الحجاز وأعطت امتيازات لعدة جرائد ومجلات صدر منها البعض وتوقف، وبعضها لا يزال يصدر حتى الآن، ومنها ما أعطى امتيازه ولم يصدر حتى الآن. ونحن نسأل لِمَ لم يصدر ما أعطى امتيازه؟ ولِمَ توقف عن الصدور ما كان صادراً؟
ذلك لأن الصحافة لم تستقر لدينا على أساس قوي وأنها في حاجة إلى تنظيم، كما أنها في حاجة إلى صحافيين مدربين يستطيعون قيادة الجماهير، وغرس المبادئ الوطنية والأخلاق الرفيعة في نفوسهم).
ويرى الأستاذ محمد جمال كذلك: أن في الحجاز تربة صالحة للصحافة ولكن ينقصها رجال الصحافة الماهرون.
ويبدو لي أن الصحافة في الحجاز لا تسمو إلى المنزلة التي نرجوها لها إلا إذا توافر لديها المال الكثير الذي تؤمن به حياتها وتقوي نواحيها المختلفة؛ فيكون لها بعد ذلك مراسلون في الأقطار المختلفة يوافونها بأخبار العالم، ويشترك في توجيهها طبقة متمرنة من صحافيي العرب في الأقطار الأخرى حتى تشتد وتقوي، وعندئذ نأمل لها الفوق والرواج؛ فالتشجيع الحكومي قائم، ولم يبق إلا العمل مع الأخذ بالأسباب.
وأهم ما تعنى به الصحف الحجازية النواحي الاجتماعية والأدبية والأخبار المحلية وبعض ما تقتطفه من حوادث العالم نقلا عن الصحف الكبرى. ويمتاز أسلوبها بالهدوء والاتزان؛ فلا نجد فيها تلك الثورةالجامحة التي نجدها في صحف مصر نتيجة للخلافات الحزبية الكثيرة، فإذا كان هناك من حماس ففي بعض مقالات النقد الأدبي والإصلاح الاجتماعي.