للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العرب، ولم يعرها اهتماماً مؤرخو الفرنج.

١ - لم سميت المدينة بهذا الاسم

أما عن الأمر الثاني وهو الأسباب التي دعت لتسمية هذا المكان بالفسطاط فان الآراء فيها وإن اختلفت وتشعبت فإنها كذلك لا تصل بنا إلى حد حاسم معقول.

آما مؤرخو العرب فيعتمدون جميعاً على قصة اليمامة، وأما مؤرخو الفرنجة فتقول غالبيتهم بأن كلمة الفسطاط قد أخذت عن الكلمة الإغريقية أي المدينة وإن العرب نقولها عن اليونان عند اتصالهم بهم في حروب الشام. غير أنا نرى أن قصة اليمامة مع طرافتها قد تبتعد عن الصحة وذلك لأنهم يقولون أن عمراً قد أوصى أحد المصريين في رواية، أو صاحب القصر في رواية أخرى بالمحافظة على الخيمة (الفسطاط) حتى تفرخ اليمامة وتطير صغارها، وأنه عند رجوعه وجد الفسطاط في مكانه فنزل هو وجنده بجواره؛ ونحن نشك في صحة هذا الخبر لان عمرا ولو أنه كان قد استولى على حصن بابليون فإن مصر لم تكن قد خضعت كلها لأمره، ولذلك لا يعقل أن ذلك الرجل المكلف بالمحافظة على الفسطاط يبقى على عهده ويحافظ على وعده مع رجل فاتح لم يثق بعد انه أصبح الحاكم على مصر حتى يخشاه على حراسة فسطاطه من أجل يمامة طول ذلك الوقت التي أستنفذه عمرو في فتح الإسكندرية وما بين بابليون والإسكندرية من مدن

ويدفعنا أيضاً إلى الشك في صحة هذه القصة ما هو معروف مشهود عن الطيور المختلفة وخاصة الحمام واليمام من أنها تتخير لأعشاشها وبيضها وفراخها الأماكن المنعزلة المهجورة البعيدة على أن يطرقها أو تنالها الأيدي صوناً للأعشاش وحفظاً للبيض وإبقاء على الصغار.

فهل من المعقول إذن أن تترك هذه اليمامة العمرية تلك الأماكن الآمنة لتضع بيضها في معسكر دائم النشاط دائب الحركة وفي خيمة القائد وهي أنشط أماكن المعسكر بالحركة وأعمرها بالوافدين؟

وإذا كانت هذه القصة صحيحة ففي أي مكان من الخيمة تبني اليمامة عشها؟ والخيمة كما نعرفها جميعاً مصنوعة من قماش أملس وهي منحدرة الجوانب إذا نصبت.

كل هذا يؤيد شكنا في صحة هذه القصة وكونها أصلا للتسمية أما الرأي الثاني فيبدو كذلك

<<  <  ج:
ص:  >  >>