وهنا نراه يقوم لذلك بعرض تاريخي عن التعليم في فارس والشام ومصر قبل الإسلام أخذ منه الفصل الرابع كله والفصل الخامس أيضاً.
ويطول بنا الحديث إذا أردنا تحليل الرسالة وبيان ما وعت من مسائل عديدة عولجت بمقدرة وشجاعة وعمق جدير بالإعجاب، ولكنه يجب علينا مع هذا أن نشير إلى أن الأستاذ الفاضل كان موفقاً وقوياً في نقده للقابسي في منهجه وفي بعض آرائه التي قررها وفي نقده لبعض الذين كتبوا في التربية عند المسلمين من المستشرقين وغيرهم من المسلمين المعاصرين، لقد كان موفقاً في ذلك كله إلى أبعد حدود التوفيق.
١ - نقد القابسي في منهجه الذي يقوم على تلمس الآثار وآراء السابقين، بأن هذا لا يصلح في التربية لما يدعو إليه من جمود وحجر على الرأي، وبخاصة والأمر أمر يتصل أوثق اتصال بشئون الدنيا (ص٣٣).
٢ - نقده أيضاً في أنه أهمل في الآراء التي أنهى إليها نفسية الطفل ورعاية مراحل نموه، كما أهمل العلوم الطبيعية والرياضة البدنية فلم يجعلها من العلوم الواجب أن يؤخذ بها الناشئة، على أن الأستاذ كان منصفاً حين لا حظ أن هذه الآراء كانت أثر البيئة الاجتماعية في عصر القابسي، وأن العيب الأول كان عيب العصر كله في الشرق والغرب (ص ١٧٥).
٣ - وكذلك نقد بعض المستشرقين ومن أخذ أخذهم؛ إذا لم يفرقوا فيما ذهبوا إليه من أغراض التربية عند المسلمين وآرائهم فيها بين المؤلفين والواقعين كالقابسي والمثاليين كابن عبد البر والغزالي وإخوان الصفاء، ومن ثم كان خطأ أولئك الكاتبين - ومنهم الدكتور خليل طوطح في كتاب التربية عند العرب - في اعتبارهم آراء المؤلفين آراء المسلمين جميعاً. ص ٢٠١ وما بعدها.
٤ - والأستاذ (كارادي فو) المستشرق الفرنسي المعروف ناله شواظ من نقد الأستاذ الأهواني. بحق؛ فقد زعم في كتابه (مذهب الإسلام) إن الشرق الإسلامي ليس فيه الذوق الفطري للتعليم، وأن الإسلام لم يهتم بأمر الطفل. . . فأكد لنا الأستاذ الأهواني أن هذا المستشرق لو عرف رسالة القابسي لغير هذا الرأي الخاطئ، فكيف بها وبغيرها من المؤلفات التي عنيت بالتربية والتعليم! (ص ٢٢٥ - ٢٢٦). هذه الرسالة التي - كما جاء