وَكَم ظامِئ بينَ تلك الخيامِ ... إلى الرَّوعِ هز الُحسامَ اضْطراراً
لهيفٍ إلى الماء وهْوَ الذي ... بكل وغًى من يُطبق اصطبارا
عَلَى فَرس زافرٍ باللهيبِ ... دعُاهم وفي يدِه مُصْحَف
أصيحوا فإني لكم ُمْنذرٌ ... ألم يأنِ يا قَوْمُ أنْ تُنصِفوا
لئن كانَ سَفْكُ دمي همكُمْ ... فأعفوا العطاشَ هنا وارأفوا
أمامكم الظمأُ المستحِر ... ضُحَى الحَشْرِ إذ يْعُظمُ الموقفُ
ألسْتُ ابنَ فاطمةٍ ويحكْم ... أجيبوا ألسْتُ ابنَ بنْت النِبي؟
أفيقوا أتْنَسون أنَّ أبي ... علىُّ وحَمْزةَ عمُّ أبي؟
وَجَعْفَرُ من كان يُدْعي بذي الج ... ناحْينَ عمى فَتَى يعرُب؟
حذَارِ لكُم أن ترُيقوا دمي ... فساء لكْم ذَاك منْ مَطْلبِ
وشقَّ الفضاء صُراخُ النساءِ ... فطنَّ لقُربِ المصاب الجللْ
لقد أحْدقتَ قَارعاتُ الخطوبِ ... فَما مَسَّه وهنُ أو وجلْ
تعاظمهُ أمرُ هذا الصُّراخ ... فَمادَ من الُحْزَن ذاك الجبلْ
تَخاذلَ عَزْمُ لهُ صارمٌ ... وخارَ. . . فوارحمتا للبطلْ!
وعاد الحسينُ ينادي العدو ... أثارٌ دعاكم لهذا العِداء؟
كرهْتُ لكْم أن تَشُدوُّا علينا ... جُموعاً، وأن تبطشوا بالنساءِ
لئن كان بيني وبين امرئ ... دمٌ فَلْيُجب بعد هذا النداء
عَجِبتُ! ألم يَدْعُني قومكْم ... إليهم ففيم اسأتمْ لقائي؟
وقال له قائلٌ منهُمو ... إذا رُمْتَ أمناً فبايعْ يزيدا
مقالةُ مُستهزئ شامتٍ ... يُمنى بوعدٍ ويُخفى وعِيدا
ورَد الحسينُ: أباتَ الكرامُ ... بنو هاشمٍ صاغرين عبيدا؟
دعَوْتُ ولكن أراكْم ضلَلَتْم ... بما تطلبون ضلالاً بعيدا
تَداعْوا إلى الطَّعنِ لكنما ... تَخَلف عن جَمْعِهمْ بَاسِلُ
مَشى في ثلاثين من جُنده ... أماثلُ ما فيهُمو ناكلُ
فوارسُ خَبثْ بهم خيلهمْ ... وفيهم أخو الرُّمحِ والنَّابلُ