للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذا من ناحية الاستجابة للإحساس الصادق. ويجيء أخيراً التعبير الصادق عن هذا الإحساس الصادق بهذه الاستجابة الصادقة، وأظن أنه لا أحد من القراء يختلف معي في أن الأطفال يمارسون هذا التعبير على طول الخط، وأنهم لا يتحرجون من مواجهة صاحب العيب بذكر عيبه أمام عينيه وفي مواجهته لا يخشون اللوم، ولا يحسبون حساباً لهذه المجاملات المعقدة التي يحسب الكبار حسابها والتي تحملهم على ابتلاع العيوب. . . ثم ابتلاع المحاسن أيضاً. . . ثم التحكم في تقرير الحكم على الأشياء وفق ما يعرض لهم بناء على هذا الحكم من نفع يكسبونه، أو ضرر يمنعونه. . .

الأطفال إذن هم الذين يحسون بالناس - على الأقل - إحساساً صادقاً، وهم الذين يستجيبون لهذا الإحساس الصادق استجابة صادقة، وهم الذين في آخر الأمر يعبرون عن هذا الإحساس الصادق في هذه الاستجابة الصادقة تعبيراً صادقاً. . . والأطفال بهذا سعداء. وهم بهذا أحب إلى الله من الكبار الكذابين. . . فهل كل الكبار كذابون؟ لا. . . بل أغلبهم. . . ونجا من الكذب الفنانون، أولئك الذين تحرر احساسهم، والذين لا يمنعهم من تلبية هذا الإحساس مانع، والذين يعبرون عنه في صدق وتحرر كالأطفال لا يعنيهم أن يسخط الناس عليهم أو أن يرضوا. . . وهم بهذا أطفال الرجال، وحياتهم على الرغم من الشقاء الذي يظهر لنا فيها حياة سعيدة لأنها حياة طبيعية تجري على سنة الله الأولى وفطرته.

عزيز أحمد فهمي

<<  <  ج:
ص:  >  >>