للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

يقيسون بها؛ يختلف اثنان في وزن شئ أو طوله فيعمدان إلى الميزان أو الذراع ليعرفا الصواب فيما اختلفا فيه، وربما يقع الخلاف في صنجة الميزان أو في طريقة الوزن أو في الذراع أو طريقة الذرع.

وكذلك الأمور المعنوية، يقع فيها الخلاف فيرجع المختلفون إلى قواعد يتفقون عليها، وربما يختلفون في القواعد نفسها. يقول واحد: هذا حسن، ويقول آخر: بل هو قبيح، فيرجعان إلى القوانين التي يعرف بها الناس الحسن والقبيح، يقول أحدهما: حسن لأنه نافع، ويقول الآخر: قبيح لأنه ضار، ثم يعرفان أنه نافع أو ضار فيتفقان. وقد يتمادى الخلاف بينهما في المقياس نفسه، فيقول أحدهما: كل نافع حسن، ويقول الآخر: ليس كل نافع حسناً، ليس مقياس الحسن والقبح هو النفع والضر بل قبول النفس أو نفورها أو اللذة والألم. فإن لم يتفقا على مقياس الحسن والقبح استمر الخلاف بينهما

كذلك الأدب: يسمع أحد الناس قصيدة فيستحسنها ويطرب لها ويخالفه آخر؛ فيقول الأول: ألفاظها مألوفة سلسة حسنة النغمة، ومعانيها جميلة فيها سمو بالنفس ولها أثر في القلب، وكثير منها مخترع. ويخالفه الثاني فيما زعم للألفاظ والمعاني من أوصاف فيقول: ليست الألفاظ مألوفة سلسة، أو يوافقه على أنها كما قال ولكن يدعي أن الألفة والسلاسة ليست مقياس الجمال أو البلاغة؛ فإما أن ينتهيا إلى مقياس يرضيانه فيتفقان، أو يتمادى بينهما الخلاف

وفي البحث عن المقاييس والاتفاق عليها أو الاختلاف فيها يكون تطور النقد الأدبي وتشعب مذاهبه، ووضوح مناهجه، واستناده إلى براهين تتفق فيها المعرفة الواسعة والذوق المهذب والحس المرهف

٣ - ضروب النقد

وفي النقد الأدبي ضروب منها:

١ - نقد الجزئيات، وهو نقد قطعة من النثر أو الشعر بالنظر في ألفاظها وتبيين أنها مما عرف في اللغة، وأنها موافقة للصرف والنحو، وأنها مألوفة غير مبتذلة، وأن وزنها، إن كانت من الشعر، صحيح لا خلل فيه - أو بالنظر إلى معانيها وتبيين أنها غامضة أو واضحة، وقيمة أو تافهة، وطريفة أو مبتذلة، ومخترعة أو مسروقة، وأن التصوير فيها

<<  <  ج:
ص:  >  >>