للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهو ليس دموعاً ولا آهات، وليس ابتسامات وتثنيات:

إنما الحب شراب عاصف ... يسكر الراوين منه والظماء

لهذا كله فالكون والحياة حفيان بالحب، يستقبلانه بما فيهما من سرور وابتهاج، ويهيئان له من الطرافة والجدة كل ثمين مذخور، ويبذلان له من كنوزهما وأسرارهما ما لا يباح، ويعترفان بحقه عليهما وفضله:

وهو يقول من قصيدة عن يوم لقاء:

قال: سيوفي زائراً في غد ... يا لغد! كيف غد يشرق

بالشمس؟ أم شمس غد وحده ... مذخورة من أجله تخلق

كيما نرى الدنيا، وما شأنها ... سربالها المبتذل المخلق

في حلة لا تتحلى بها ... إلا لمن يَعشق أو يُعشق

وفي قصيدة بعنوان عروس الليالي:

عروس الليالي تهبط اليوم من عل ... وتدنو على طول النوى والتدلل

سرت بين شرق من ضياء ومغرب ... وبين جنوب من ضياء وشمأل

ولما سألته الحياة جواز المرور بها، لم يجد أحظى لديها من الحب يفتح منها المغاليق والستور:

قالت جوازك قلت هاك ... حب أنال به رضاك

فدخلت في حذر الحيا ... ة وراء ألفاف الشباك

هذا هو (الحب) عند العقاد: عالم مترامي الأطراف، وفن من أعجب فنون الحياة، ومجال للخيال والحس والتعبير على غير مثال

ونحن نعيدها مرة أخرى: لو أن شاعراً قال هذا وسكت لجاوز حد الشاعر الكبير

وعلى هدى من رأيه في الجمال، ورأيه في الحب، سنتحدث عن (غزل العقاد). وإن كان كثيرون سيتساءلون الآن: ماذا سيقول غير ما قال؟ وسنجيبهم بعد قليل: تلك أوليات المقال

(حلوان)

سيد قطب

<<  <  ج:
ص:  >  >>