يقرضهم أمثال هذه المعاني التي طفحت بها سيرهم وأملتها الدماء المهراقة بين لابتي الجزيرة العربية. فهي عربية لا مولدة ولا مترجمة، وقد يكون المترجم كلمة أخرى تشبهها هي: الاستعداد للحرب يمنع الحرب! فهذه معقول أن تكون مترجمة وخاصة في العصور الحديثة! لا بالعصور القديمة أو الوسطى التي كانت تضطرم نيران الحروب فيها لأوهى الأسباب)
قلت: قال الشيخ عبد العزيز الأزهري: (بين ثنايا عهد القضاء) والثنايا جمع الثنية. وقال (الصحاح): (والثنية واحدة الثنايا من السن، والثنية طريق العقبة). وقال اللسان:(كل عقبة مسلوكة ثنية وجمعها ثنايا. الثنية من الأضراس أول الفم، وثنايا الإنسان في فمه - الأربع في مقدم فيه، والثني من الإبل الذي يلقي ثنيتة، وذلك في السادسة، ومن الغنم الداخل في السنة الثالثة تيساً كان أو كبشاً)
فلا ريب أن الشيخ يريد أن يقول:(في أثناء عهد القضاء) و (الثني واحد أثناء الشيء أي تضاعيفه. تقول: أنفذت كذا في ثني كتابي) كما قال (الصحاح)، وفي (الأساس): (ومن المجاز في أضعاف الكتاب: في أثنائه وأوساطه)
وقال الشيخ عبد العزيز:(بين لابتي الجزيرة العربية)، والجزيرة العربية ليست بين لا بتين وإن كانت فيها لوب كثيرة. وتخومها في البر والبحر معلومة. والتي بين لابتين هي المدينة، يثرب، مُهاجَر سيدنا ومولانا رسول الله (صلوات الله وسلامه عليه). وفي الحديث:(إنه حرم ما بين لابتيه المدينة) وهما حرتان يكتنفانها. قال صاحب (النهاية): (اللابة الحرة وهي الأرض ذات الحجارة السود التي قد ألبستها لكثرتها وجمعها لابات، فإذا كثرت فهي اللاب واللوب مثل قارة وقار وقور، وألفها منقلبة عن واو. والمدينة ما بين حرتين عظيمتين)