للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومهارته في فن تشخيص الأمراض ومبحث أسباب المرض وهو أول من وصف مرض الالتهاب السحائي (السرسام الحار) وصفاً صحيحاً وميزه عن الأمراض الحادة المصحوبة بالهذيان، وكان ذلك يلتبس على أطباء اليونان؛ كما أنه أتقن وصف سير هذا المرض والإنذار فيه. ومما يدل على دقة ملاحظاته الإكلينيكية ذكره أن التهاب البلورا (ذات الجنب) والتهاب الرئة (ذات الرئة) قد تنتج عنهما أعراض سرسامية بهيئة مضاعفات، وأن التهاب السحايا في تلك الحالات يعتبر نذيراً سيئاً إذ تعقبه الوفاة عادة.

وأجاد ابن سينا أيضاً في شرح أمراض الجهاز التنفسي، وقال بضرورة التمييز عن تشخيص ذات الجنب بين التهاب البلورا الحقيقي، وبين الالتهاب البسيط للعضلات بين الضلوع وبين التهاب المنصف الصدري (الحْيزوم) وخراج السطح الأعلى للكبد.

وأتقن ابن سينا وصف الأمراض العصبية، وبوجه خاص الأشكال المختلفة للشلل وللفالج النصفي ولشلل الوجه (اللقْوة) واهتدى إلى التمييز بين نوعي اللقْوة: المركزي والموضعي وشرح بإسهاب التشخيص التمييزي بينهما.

ومما أشار إليه ابن سينا أن المخ والعظام خلافاً لرأي القدماء قد تكون مقراً للأورام.

وكان يعالج تشوهات السلسلة الفقرية بالرد العنيف وهي طريقة أعاد إدخالها في العلاج الجراح الفرنسي كالو سنة ١٨٩٦. ولابن سينا طريقة شائقة طريفة في وصف الأمراض العقلية، وله الفضل في ابتكار كثير من طرق العلاج النفساني.

وكان جالينوس يقول بأن السكتة (ضربة الدم أو النقطة) يندر أن تكون مسببة عن البليثورا وهذا خطأ، فخالفه ابن سينا وقال بالعكس، مستنداً إلى مشاهدته الإكلينيكية، بأن البليثورا من أكثر الأسباب المهيئة لحدوث السكتة.

ومما ذكره ابن سينا ولم يسبقه إليه أحد أن الحصبة أكثر ما تكون عدواها في الربيع والخريف وأنها أكثر وقوعاً في هذين الفصلين، كما ذكر أن الأطفال يصابون بها أكثر من البالغين.

ودرس ابن سينا بدقة أمراض الكبد وطريقة فحصه ووصف بمهارة أعراض اليرقان بأنواعه بما يتفق والأوصاف الحديثة؛ وشرح عند الكلام على أمراض المعدة، أعراض ضيق البّواب والقرحة المعدية وأفاض في شرح أضرار إدمان الكحول على الكبد، وعلّل

<<  <  ج:
ص:  >  >>