بعيره وانطلق. فلما قدم على قريش، قالوا: ما وراءك؟ فقص عليهم ما جرى، فقالوا: ذلك لا يغني شيئاً، قال: ما وجدت غير ذلك
- ٢ -
قال الراوي: وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس بالجهاز وأمر أهله أن يجهزوه. فدخل أبو بكر على ابنته عائشة زوجة الرسول، وهي تحرك بعض جهازه عليه السلام، فقال: أي بنية، أأمركم رسول الله أن تجهزوه؟ قالت: نعم فتجهز. قال: فأين ترينه يريد؟ قالت: والله ما أدري. ثم إن الرسول أعلم الناس أنه سائر إلى مكة وأمرهم بالجد والتهيؤ وقال: اللهم خذ العيون والأخبار عن قريش حتى نبغتها في بلادها. فلما أجمع السير إلى مكة كتب حاطب بن أبي بَلْتَعةَ اللخمي كتاباً إلى قريش يخبرهم أن الرسول إليهم سائر؛ ثم أعطاه امرأة وجعل لها جعلاً على أن تبلغه قريشاً فجعلته في رأسها ثم فتلت عليه قرونها وخرجت به. ولكن الخبر قد أتى الرسول من السماء بما صنع حاطب، فبعث علي بن أبي طالب والزبير بن العوّام فأدركا المرأة فالتمسا الكتاب في رحلها فلم يجدا شيئاً. فقال لها علي: إني أحلف بالله ما كذب رسول الله، ولتخرجن لنا هذا الكتاب أو لنكشفنك. فلما رأت الجد منه قالت: أعرض، فأعرض فحلت قرون رأسها فاستخرجت الكتاب منه فدفعته إليه، فلما أتى به الرسول دعا حاطبا، فقال: يا حاطب: ما حملك على هذا؟ فقال: يا رسول الله أما والله إني لمؤمن بالله ورسوله ما غيرت ولا بدلت، ولكني صانعت القوم لأهل وولد لي بين أظهرهم. فقال عمر ابن الخطاب: دعني فلأضرب عنقه فإن الرجل قد نافق. فقال الرسول: وما يدريك يا عمر، لعل الله قد أطلع على أصحاب بدر يوم بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم
ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم لسفره واستخلف على المدينة كلثوم بن حصين الغفاري. وخرج لعشر مضين من رمضان، فصام وصام الناس معه، حتى إذا كان بالكديد بين عسفان وأمج أفطر؛ ثم مضى حتى نزل مر الظهران - في عشرة آلاف من المسلمين - وهو واد قرب مكة، وقد عميت الأخبار عن قريش، فلا يأتيهم خبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يدرون ما هو فاعل
وخرج في تلك الليالي أبو سفيان بن حرب، وحكيم بن حزام، وبديل بن ورقاء، يتحسسون