قال العالم الطبيعي (لويس إن أكبر فراغ وجد في العالم العضوي كان مابين الحيوانات الأحادية الخلية والمتعددة الخلايا وبعبارة أخرى ما بين الحيوانات الابتدائية وما وراء الابتدائية ولكن لم يبق ثمة فراغ بين الفرعين بتطور الاسفنجيات وأمعائية الجوف والديدان البسيطة وظهورها بأجسام للمرة الأولى. فكيف نعلل تكون الجسم وهو في خطوات التطور الكبرى؟. ليس في استطاعتنا أن نعلم كيف حدث ذلك على وجه اليقين إنما يمكننا أن نبسط هذا الرأي المستمد من دراسة عميقة وبحث دقيق، عندما ينقسم الحيوان الابتدائي إلى شطرين أو اكثر (وهي طريقة التكاثر التي يتبعها) تنتشر الانسال وتعيش مستقلة بعضها عن بعض؛ ولكن بعض الابتدائيات لا تنفصل أنسالها بل تبقى مرتبطة مع بعضها فالفولفوكس وهو حيوان كروي أخضر اللون جميل يوجد في بعض الأفنية، ما هو الا مستعمرة لألف أو عشرة آلاف خلية ومن مجموع هذه الخلايا نبدأ بتمييز الجسم. على أن خلايا الفولفوكس هي من نوع واحد بينما نجد في خلايا الحيوانات التي تلي الابتدائية تخصص في العمل مما يدل على رقيها في توزيع الأعمال. فالجسم يبدأ بالتكون من تجمع قسم من المادة الحية حول كل نواة، ويرتقي تكوينه كلما حصل توزيع في العمل وتميزت الخلايا الجرثومية (أو التناسلية) فيه عن الخلايا الجسدية.
اكتسابات عظيمة
إن تناظر الجسم العام في حيوانات كشقائق البحر وقنديل البحر يكون شعاعيا أي لا يوجد له جهة يمنى أو يسرى ويمكن تنصيف الجسم بأكثر من سطح واحد. وهذا النوع من التناظر ملائم جدا لحياة الارتكاز أو الانحراف مع التيار. على أن حياة الديدان كانت تتطلب الحركة فاستدق طرفاها وصار لها جهة أمامية وجهة خلفية وأصبحت أغلب الحيوانات من الديدان إلى الإنسان ذات تناظر جانبي تتميز في جسمها جهات أربع ولا يمكن تنصيفها الا بسطح واحد. لاشك إن هذا النوع الآخر من التناظر يلائم حياة أكثر نشاطا من الحياة التي تستلزم التناظر الشعاعي، لذلك كان في وسع هذه الحيوانات الجانبية التناظر أن تفتش عن طعامها وتتجنب الأعداء وتتربص لاقتناص الزوج أو الزوجة. وقد