للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

بلاغة القرآن، وساعدت مظاهر الحضارة المادية وجمال المناظر الطبيعية، وبخاصة في بلاد الأندلس على رقي الخيال ورقة الشعر، كما برع العرب في فن الغناء والعزف على الآلات الموسيقية، وممن نبغ منهم في الموسيقى والغناء اسحق الموصلي ببغداد، وتلميذه زرياب بقرطبة، حيث أسس مدرسة للموسيقى تخرج فيها كثير من مشاهير الموسيقيين

كانت الدول الإسلامية في المشرق ومصر وبلاد الأندلس مركز الفنون والصناعات، ومنار العلوم والآداب، في الوقت الذي كانت فيه أوروبا غارقة في بحار الجهل. وقد اتصل الأوربيون بالعرب واقتبسوا من علومهم واستفادوا من حضارتهم عن طريق مصر والشام أثناء الحروب الصليبية التي قامت في القرن الحادي عشر الميلادي

فقد نزح إلى بلاد الأندلس طلاب العلم من أنحاء أوربا، فالتحقوا بمدارسها وجامعاتها، وانتفعوا بدور الكتب الكثيرة بها. فلما عادوا إلى بلادهم نشروا فيها علوم العرب. وبلغ من اهتمام الغربيين بالعلوم العربية أن أنشئوا في باريس في القرن الثاني عشر الميلادي مدرسة لتعليم اللغات الشرقية، وقد ظهر من الأوربيين علماء تشبعوا بعلوم العرب وطرق أبحاثهم. نخص بالذكر منهم العالم الإنجليزي رودجر بيكون الذي دعا الناس إلى دراسة العلوم الرياضة والطبيعية والاعتماد على التجارب للوصول إلى الحقائق العلمية، فبدأ الأوربيون يبحثون العلوم بحثاً علمياً كان له أثر عظيم في قيام النهضة العلمية. في أوربا ورقي الحضارة العربية. وقد نقل الأوربيون العلوم الطبية عن ابن زهر وابن البيطار، وعرفوا بصفة خاصة طرق معالجة الجدري والحصبة. وطالما كان يستدعي ملوك أوربا وأمراؤها الأطباء من العرب لمعالجتهم. وأسس الفرنسيون مدرسة للطب في مدينة مونبلييه قام بالتدريس فيها أساتذة من بلاد الأندلس؛ وكذلك استفاد الأوربيون من نبوغ العرب في الكيمياء. ولا تزال بعض المركبات الكيميائية، كالكحول والكافور والقلويات والأشربة تدل على أصلها العربي

وقد أخذ الأوربيون عن المسلمين كثيراً من أنواع النبات، كالأرز، وقصب السكر، والخرشوف، والمشمش، والبرتقال والزعفران، وأنواع الورد والياسمين؛ كما أخذوا عنهم الطواحين الهوائية لطحن الغلال، ورفع الماء، وأقاموا أول طاحونة منها في مقاطعة نرمندية سنة ١١٠٥م، كما أقاموا غيرها في هولنده. ولا تزال سهول بلنسية في أسبانيا

<<  <  ج:
ص:  >  >>