للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

كيف كانت دماء الناس تبرد لصوت كلب مسعور. وكر أنه قبل مائة عام أو دونها كان الفرنسيون يشتبهون في الرجل يحسبونه مصاباً بالكلب فيُذعرون فيقومون عليه فيَسُمونه أو يخنقونه أو يطلقون عليه الرصاص. وشاع هذا حتى سنت القوانين لحماية هؤلاء المساكين. ذكر بستور كل هذا فأعتزم أن يعيد في الناس السلام، ويمنع عنهم هذه الآلام والآثام

بدأ بستور هذا البحث الذي انتهى بأن كان أبدع أبحاثه وأصدقها، فإذا به يبدؤه على عادته بالأخطاء. جاء إلى طفل يموت من داء الكلب فأخذ بعض ريقه وامتحنه فوجد فيه جرثومة غريبة ساكنة فأسماها اسماً لا يتصل بالعلم كثيراً، أسماها (مكروبة الثمانية)، وما أسرع ما حاضر أعضاء الأكاديمية وأشار إلى هذه المكروبة بأن لها صلة بالسبب الخافي لداء الكلب، واستقر على هذا الرأي، واستمر يجري في اطمئنان وراء هذا المكروب، ولكنه لم يلبث غير قليل حتى اتضح له أنه إنما جرى وراء برق خُلّب. فإنه بمعونة عونيه وجد هذا المكروب في أفواه أناس أصحاء كثيرين لم يقتربوا من كلب مكلوب أبداً

على أن هذا الضلال لم يدم طويلاً حتى حملت بستور قدماه إلى الطريق الهادي إلى مخابئ هذه الأحياء، قال لنفسه: (لقد قلّت الكلاب المسعورة في هذه الأيام، والشيخ البيطار بوريل لا يبعث الآن لي منها إلا عدداً يسيراً، والمكلوبون من الناس أشد ندرة من الكلاب؛ فلا بد لنا من إحداث داء الكلب في حيوانات في معاملنا كي نستطيع دراسته في تواصل واستمرار)

وكان بستور فات الستين وكان مُتعباً مجهوداً

وذات يوماً جاءوا إلى المعمل بكلب سعران اصطادوه بالوهق ضربوه في عنقه ثم شدوا عليه، فأمرهم بستور فأدخلوه وهو ينذر بالشر إلى قفص به كلاب أخرى كي يعضها ويعطيها من الداء مثل الذي به، وجاء رو وشمبرلاند فأخذا من رُغاء فمه بعض الشيء ومصاه في محقن وحقنا به من الخنازير الغينية ومن الأرانب، واصطبرا ينتظران ظهور الداء فيها، فكان يظهر في بعضها أحياناً ويتخلف عن بعضها أحياناً أخرى فساءهما تخلفه، وعض الكلب المجنون أربعة من الكلاب، ومضت ستة أسابيع فإذا كلبان منها هائجان يضربان في جوانب القفص ويعويان، أما الآخران فمضت أشهر لم يظهر فيها عليهما من

<<  <  ج:
ص:  >  >>