للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿كانَ اِسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلاّ عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيّاهُ﴾ الْآيَةَ، قَالَ النَّبِيُّ :

فَأَخَذَنِي مَا يَأْخُذُ الْوَلَدُ لِلْوَالِدِ مِنَ الرِّقَّةِ فَذَلِكَ الَّذِي أَبْكَانِي، أَلَا إِنِّي قَدْ كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ، وأَكْلِ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ فَوْقَ ثَلَاثٍ، وعَنْ نَبِيذِ الْأَوْعِيَةِ فَزُورُوا الْقُبُورَ فَإِنَّهَا تُزَهِّدُ فِي الدُّنْيَا وتُذَكِّرُ الْآخِرَةَ، وكُلُوا مِنْ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ وادَّخِرُوا مَا شِئْتُمْ فَإِنَّمَا نَهَيْتُ إِذِ الْخَيْرُ قَلِيلٌ، فَوَسَّعَهُ اللَّهُ عَلَى النَّاسِ، الاوان وِعَاءً لَا يُحَرِّمُ شَيْئًا وكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ.

• قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وأَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ فِي حَدِيثٍ رَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ قَالَ: ايتُوا مَوْتَاكُمْ فَسَلِّمُوا عَلَيْهِمْ أَوْ صَلُّوا، شَكَّ الْخُزَاعِيُّ فَإِنَّ لَكُمْ عِبْرَةً،.

• قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: قَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: ورَأَيْتُ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ تَزُورُ قَبْرَ أَخِيهَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ مَاتَ بِالْحَبَشِيِّ فَلَمْ يُحْمَلْ إِلَى مَكَّةَ والْحَبَشِيُّ جَبَلٌ بِأَسْفَلِ مَكَّةَ عَلَى بَرِيدٍ مِنْهَا، وفِي هَذِهِ الْمَقْبَرَةِ يَقُولُ كَثِيرُ بْنُ كَثِيرِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَبِي وَدَاعَةَ السَّهْمِيُّ:

كَمْ بِذَاكَ الْحَجُونِ مِنْ حَيِّ صِدْقٍ … مِنْ كُهُولٍ أَعِفَّةٍ وشَبَابِ

سَكَنُوا الْجِزْعَ جِزْعَ بَيْتِ أَبِي مو … سى إِلَى النَّخْلِ مِنْ صَفِيِّ السِّبَابِ

أَهْلُ دَارٍ تَبَايَعُوا لِلْمَنَايَا … مَا عَلَى الدَّهْرِ بَعْدَهُمْ مِنْ عِتَابِ

فَارَقُونِي وقَدْ عَلِمْتُ يَقِينًا … مَا لِمَنْ ذَاقَ مَيْتَةً مِنْ إِيَابِ

.

قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ: فَكَانَ أَهْلُ مَكَّةَ يَدْفِنُونَ مَوْتَاهُمْ فِي جَنْبَتَيِ الْوَادِي يُمْنَةً وشَامَةً (١) فِي الْجَاهِلِيَّةِ وفِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ حَوَّلَ النَّاسُ جَمِيعًا قُبُورَهُمْ فِي الشِّعْبِ الْأَيْسَرِ لِمَا جَاءَ مِنَ الرِّوَايَةِ فِيهِ ولِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ نِعْمَ الشِّعْبُ، ونِعْمَ الْمَقْبَرَةُ.

فَفِيهِ الْيَوْمَ قُبُورُ أَهْلِ مَكَّةَ إِلَّا آلَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدِ بْنِ أَسِيدِ بْنِ أَبِي الْعِيصِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ، وآلَ سُفْيَانَ بْنَ عَبْدِ الْأَسَدِ بْنِ هِلَالِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومٍ فَهُمْ يَدْفِنُونَ فِي الْمَقْبَرَةِ الْعُلْيَا بِحَائِطِ خُرْمَانَ (٢).


(١) قال ابن ظهيرة المراد باليمني هو شعب أبي دب المعروف الآن ب (شعب العفاريت) و (شعب الجزارين) والمراد بالشام هو (شعب الصفى).
(٢) المعروف اليوم (بالخرمانية).

<<  <  ج: ص:  >  >>