وقد اختط الازرقي لنفسه خطة سهلة سلسة في تدوين كتابه هذا وقسمه الى بحوث وفصول مبوبة مستوفاة عن طريق الرواية المعنعنة التي رآها الغربيون انها أقوم طريق فاتبعوها في مؤلفاتهم مع تبديل طفيف. وتوخى الافاضة في ما يهم طلاب التاريخ والجغرافية والأدب. واننا نعتقد ان الازرقي من جهابذة المؤلفين الذين يعتز بهم العرب والمسلمون في تقييد كثير من الشوارد والاوابد، وفي تدوين طائفة كبيرة من المعلومات التي يندر ان يجدها المتتبع في كتاب آخر لذلك فان كتابه يعد في طليعة المصادر القيمة التي لا يستغني عنها طالب العلم.
[الطبعة الأوربية]
لقد كان كتاب الازرقي مفقودا، الى ان اتيح لفردينان وستنفيلد (١) المستشرق الألماني الوقوف على ثلاث نسخ منه في بعض مكاتب اوربا، فانكب على دراسة هذه النسخ ومقابلتها وتصحيحها، ثم باشر طبع الكتاب في ليبسك بالمانيا وانتهى من ذلك في عام ١٨٥٨ ميلادية (١٢٧٥ هجرية)، فجاءت الطبعة في ٥١٨ صفحة منها ١٤ صفحة للتصحيحات، وعلاوة على ذلك فان الناشر صدر هذه الطبعة بمقدمة تاريخية عن المؤلف بلغ عدد صفحاتها ٢٥، بحث فيها بحثا مستفيضا عن الازرقي وخططه ووصف النسخ الخطية التي اطلع عليها وغير ذلك من المعلومات القيمة، استفدنا منها اثناء البحث عن ترجمة الازرقي كثيرا. وقد اصبحت النسخ المطبوعة من خطط
(١) فردينان وستنفيلد من المستشرقين الألمان المعروفين، مات عام ١٨٩٩ م، وكان من أساتذة جامعة غوطة، وهو من أكثر المستشرقين عملا في نشر الكتب العربية، فقد زاد عدد منشوراته ومؤلفاته على مئتي كتاب منها مجموعة تواريخ مكة، استغرق طبعها ثلاث سنوات؛ ومجموعة تواريخ مكة هذه تقع في أربعة مجلدات: الأول كتاب الأزرقي، والثاني خلاصات من تواريخ الفاسي وابن فهد وابن ظهيرة مع الفهارس للمجموعة، والثالث تاريخ الأعلام للقطبسي، والرابع خلاصة تاريخية عن هذه الكتب باللغة الألمانية مع خارطة لمكة المكرمة.