فَيَرْفَعُنِي الدَّلْوَ مِنَ الْجَهْدِ، فَجَعَلْتُ أَنْزِعُ قَلِيلًا قَلِيلًا حَتَّى أَخْرَجْتُ الدَّلْوَ فَشَرِبْتُ فَإِذَا أَنَا بِصَرِيفِ اللَّبَنِ بَيْنَ ثَنَايَايَ فَقُلْتُ: لَعَلِّي نَاعِسٌ فَضَرَبْتُ بِالْمَاءِ عَلَى وَجْهِيَ وانْطَلَقْتُ وأَنَا أَجِدُ قُوَّةَ اللَّبَنِ وشِبَعَهُ.
• حَدَّثَنِي جَدِّي عَنْ سَعِيدِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ عُثْمَانَ ابن سَاجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي رَوَّادٍ (١): أَنَّ رَاعِيًا كَانَ يَرْعَى وكَانَ مِنَ الْعُبَّادِ فَكَانَ إِذَا ظَمِئَ وَجَدَ فِيهَا لَبَنًا وإِذَا أَرَادَ أَنْ يَتَوَضَّأَ وَجَدَ فِيهَا ماء.
• حَدَّثَنِي جَدِّي عَنْ سَعِيدِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ سَاجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي مُقَاتِلٌ عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ التَّضَلُّعَ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ بَرَاءَةٌ مِنَ النِّفَاقِ، وأَنَّ مَاءَهَا يَذْهَبُ بِالصُّدَاعِ وأَنَّ الاطلاع فِيهَا يَجْلُو الْبَصَرَ، وأَنَّهُ سَيَأْتِي عليها زمان يكون أَعْذَبَ مِنَ النِّيلِ والْفُرَاتِ، قَالَ: أَبُو مُحَمَّدٍ الْخُزَاعِيُّ: وقَدْ رَأَيْنَا ذَلِكَ فِي سَنَةِ إِحْدَى وثَمَانِينَ ومِائَتَيْنِ، وذَلِكَ أَنَّهُ أَصَابَ مَكَّةَ أَمْطَارٌ كَثِيرَةٌ فَسَالَ وَادِيهَا بِأَسْيَالٍ عِظَامٍ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وسَبْعِينَ وسَنَةِ ثَمَانِينَ ومِائَتَيْنِ فَكَثُرَ مَاءُ زَمْزَمَ وارْتَفَعَ حَتَّى كَانَ قَارَبَ رَأْسَهَا فَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وبَيْنَ شَفَتِهَا الْعُلْيَا إِلَّا سَبْعَةُ أَذْرُعٍ أَوْ نَحْوَهَا، ومَا رَأَيْتُهَا قَطُّ كَذَلِكَ ولَا سَمِعْتُ مَنْ يَذْكُرُ أَنَّهُ رَآهَا كَذَلِكَ، وعَذُبَتْ جِدًّا حَتَّى كَانَ مَاؤُهَا أَعْذَبَ مِنْ مِيَاهِ مَكَّةَ الَّتِي يَشْرَبُهَا أَهْلُهَا، وكُنْتُ أَنَا وكَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ نختار الشرب مِنْهَا لِعُذُوبَتِهِ وأَنَّا رَأَيْنَاهُ أَعْذَبَ مِنْ مِيَاهِ الْعُيُونِ ولَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا مِنَ الْمَشَايِخِ يَذْكُرُ أَنَّهُ رَآهَا بِهَذِهِ الْعُذُوبَةِ، ثُمَّ غَلُظَتْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي سَنَةِ ثَلَاثٍ وَثَمَانِينَ ومَا بَعْدَهَا، وكَانَ الْمَاءُ فِي الْكَثْرَةِ عَلَى حَالِهِ وكُنَّا نُقَدِّرُ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ فِي بَطْنِ وَادِي مَكَّةَ لَسَالَ مَاؤُهَا عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ أَرْفَعُ مِنَ الْوَادِي وزَمْزَمَ أَرْفَعُ مِنَ الْمَسْجِدِ، وَكَانَتْ فِجَاجُ مَكَّةَ وَشِعَابُهَا فِي هَاتَيْنِ السَّنَتَيْنِ وَبُيُوتُهُا الَّتِي فِي هَذِهِ المواضع تتفجر ماء.
(١) كذا فِي ا، ج. وفِي بقية الأصول (الرواد).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute