للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَاجَتَهُ فَقَامُوا إِلَيْهِ فَقَالُوا: يَا عَبْدَ الْمُطَّلِبِ إِنَّهَا بِئْرُ إِسْمَاعِيلَ وإِنَّ لَنَا فيها حَقًّا فَأَشِرِكْنَا مَعَكَ فِيهَا، فَقَالَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ: مَا أَنَا بِفَاعِلٍ، إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ خُصِصْتُ (١) بِهِ دُونَكُمْ وأُعْطِيتُهُ مِنْ بَيْنِكُمْ. قَالُوا: فَأَنْصِفْنَا فَإِنَّا غَيْرُ تَارِكِيكَ حَتَّى نُحَاكِمَكَ فِيهَا (٢) قَالَ: فَاجْعَلُوا بَيْنِي وبَيْنَكُمْ مَنْ شِئْتُمْ أُحَاكِمُكُمْ إِلَيْهِ. قَالُوا: كَاهِنَةَ بَنِي سَعْدِ بْنِ هُذَيْمٍ (٣) قَالَ: نَعَمْ وكَانَتْ بِأَشْرَافِ الشَّامِ فَرَكِبَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ ومَعَهُ نَفَرٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ ورَكِبَ مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ نَفَرٌ. قَالَ: والْأَرْضُ إِذْ ذَاكَ مَفَاوِزُ فَخَرَجُوا حَتَّى إِذَا كَانُوا بِبَعْضِ الْمَفَاوِزِ بَيْنَ الْحِجَازِ والشَّامِ فَنِيَ مَاءُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وأَصْحَابِهِ فَظَمِئُوا حَتَّى أَيْقَنُوا بِالْهَلَكَةِ واسْتَسْقَوْا مِمَّنْ مَعَهُمْ مِنْ قَبَائِلِ قُرَيْشٍ فَأَبَوْا عَلَيْهِمْ وقَالُوا: إِنَّا فِي مَفَازَةٍ نَخْشَى فِيهَا عَلَى أَنْفُسِنَا مِثْلَ مَا أَصَابَكُمْ، فَلَمَّا رَأَى عَبْدُ الْمُطَّلِبِ مَا صَنَعَ الْقَوْمُ ومَا يَتَخَوَّفُ عَلَى نَفْسِهِ وأَصْحَابِهِ قَالَ: مَاذا تَرَوْنَ؟ قَالُوا: مَا رَأْيُنَا إِلَّا تَبَعٌ لِرَأْيِكَ فَأْمُرْنَا بِمَا شِئْتَ قَالَ: فَإِنِّي أَرَى أَنْ يَحْفِرَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ لِنَفْسِهِ بِمَا بِكُمُ (٤) الْآنَ مِنَ الْقُوَّةِ فَكُلَّمَا مَاتَ رَجُلٌ دَفَعَهُ أَصْحَابُهُ فِي حفرته ثم واروه حَتَّى يَكُونَ آخِرُكُمْ رَجُلًا وَاحِدًا فَضَيْعَةُ رَجُلٍ وَاحِدٍ أَيْسَرُ مِنْ ضَيْعَةِ رَكْبٍ جَمِيعًا، قَالُوا: سَمِعْنَا مَا أَرَدْتَ فَقَامَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ يَحْفِرُ حُفْرَتَهُ ثُمَّ قَعَدُوا يَنْتَظِرُونَ الْمَوْتَ عَطَشًا، ثُمَّ إِنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ قَالَ لِأَصْحَابِهِ: واللَّهِ إِنَّ إِلْقَاءَنَا بِأَيْدِينَا لَعَجْزٌ لَا نَبْتَغِي لِأنْفُسِنَا حِيلَةً. فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَرْزُقَنَا مَاءً بِبَعْضِ الْبِلَادِ ارْتَحِلُوا فَارْتَحَلُوا حَتَّى إِذَا فَرَغُوا ومَنْ مَعَهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِمْ ومَا هُمْ فَاعِلُونَ تَقَدَّمَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ إِلَى رَاحِلَتِهِ فَرَكِبَهَا فَلَمَّا انْبَعَثَتْ بِهِ (٥) انْفَجَرَتْ مِنْ تَحْتِ خُفِّهَا عَيْنُ مَاءٍ عَذْبٍ فَكَبَّرَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ وكَبَّرَ أَصْحَابُهُ ثُمَّ نَزَلَ فَشَرِبَ وشَرِبُوا واسْتَقَوْا حَتَّى مَلَئُوا أَسْقِيَتَهُمْ، ثُمَّ دَعَا الْقَبَائِلَ الَّتِي مَعَهُ مِنْ قُرَيْشٍ فَقَالَ: هَلُمَّ إِلَى الْمَاءِ فَقَدْ سَقَانَا


(١) كذا فِي جميع الأصول. وفِي ب، هـ (الا خصصت).
(٢) كذا فِي ا، ج. وفِي بقية الأصول (فيها) ساقطة.
(٣) كذا فِي الروض الانف. وفِي بقية الأصول (من بنى) اما (بن) فهي ساقطة.
(٤) كذا فِي ا، ج. وفِي ب، د (لما بكم) وفِي هـ، و (بما بكم) ساقطة.
(٥) كذا فِي ا. وفِي ج (انبعث به راحلته) وفِي بقية الأصول (به) ساقطة.

<<  <  ج: ص:  >  >>