للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَكَ ولِمَنْ بَعْدَكَ حَرَمًا وأَمْنًا، أُحَرِّمُ بِحُرُمَاتِهِ مَا فَوْقَهُ، ومَا تَحْتَهُ، ومَا حوله فَمَنْ حَرَّمَهُ بِحُرْمَتِي فَقَدْ عَظَّمَ حُرُمَاتِي، ومَنْ أَحَلَّهُ فَقَدْ أَبَاحَ حُرُمَاتِي، ومَنْ أَمَّنَ أَهْلَهُ فَقَدِ اسْتَوْجَبَ بِذَلِكَ أَمَانِي، ومَنْ أَخَافَهُمْ فَقَدْ أَخْفَرَنِي فِي ذِمَّتِي، ومَنْ عَظَّمَ شَأْنَهُ عَظُمَ فِي عَيْنِي، ومَنْ تَهَاوَنَ بِهِ صَغُرَ فِي عَيْنِي ولِكُلِّ مَلَكٍ حِيَازَةُ مَا حَوَالَيْهِ، وَبَطْنُ مَكَّةَ خِيرَتِي وَحِيَازَتِي وَجِيرَانُ بَيْتِي وَعُمَّارُهَا وَزُوَّارُهَا وَفْدِي وأَضْيَافِي فِي كَنَفِي وأَفْنِيَتِي ضَامِنُونَ عَلَيَّ فِي ذِمَّتِي وجِوَارِي فَاجْعَلْهُ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ، وأَعْمِرْهُ بِأَهْلِ السَّمَاءِ وأَهْلِ الْأَرْضِ يَأْتُونَهُ أَفْوَاجًا شُعْثًا (١) غُبْرًا عَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ يَعُجُّونَ بِالتَّكْبِيرِ عَجِيجًا ويَرْجُونَ بِالتَّلْبِيَةِ رَجِيجًا (٢) ويَنْتَحِبُونَ بِالْبُكَاءِ نَحِيبًا فَمَنِ اعْتَمَرَهُ لَا يُرِيدُ غَيْرِي (٣) فَقَدْ زَارَنِي ووَفَدَ إِلَيَّ ونَزَلَ بِي ومَنْ نَزَلَ بِي فَحَقِيقٌ عَلَيَّ أَنْ أُتْحِفَهُ بِكَرَامَتِي وحَقُّ الْكَرِيمِ أَنْ يُكْرِمَ وَفْدَهُ وأَضْيَافَهُ وأَنْ يُسْعِفَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِحَاجَتِهِ، تَعْمُرُهُ يَا آدَمُ مَا كُنْتَ حَيًّا ثُمَّ تَعْمُرُهُ مِنْ بَعْدِكَ الْأُمَمُ والْقُرُونُ والْأَنْبِيَاءُ أُمَّةٌ بَعْدَ أُمَّةٍ وقَرْنٌ بَعْدَ قَرْنٍ ونَبِيٌّ بَعْدَ نَبِيٍّ حَتَّى يَنْتَهِيَ ذَلِكَ إِلَى نَبِيٍّ مِنْ وَلَدِكَ وهُوَ خَاتَمُ النَّبِيِّينَ فَاجْعَلْهُ مِنْ عُمَّارِهِ، وسُكَّانِهِ، وحُمَاتِهِ، ووُلَاتِهِ، وسُقَاتِهِ يَكُونُ أَمِينِي عَلَيْهِ مَا كَانَ حَيًّا فَإِذَا انْقَلَبَ إِلَيَّ وَجَدَنِي قَدْ ذَخَرْتُ لَهُ مِنْ أَجْرِهِ وفَضِيلَتِهِ مَا يَتَمَكَّنُ بِهِ لِلْقُرْبَةِ مِنِّي والْوَسِيلَةِ إِلَيَّ وأَفْضَلِ الْمَنَازِلِ فِي دَارِ الْمُقَامِ وأجْعَلْ اسم ذَلِكَ الْبَيْتِ وذِكْرَهُ وشَرَفَهُ ومَجْدَهُ وثَنَاءَهُ ومَكْرُمَتَهُ لِنَبِيٍّ مِنْ وَلَدِكِ يَكُونُ قَبْلَ هَذَا النَّبِيِّ وهُوَ أَبُوهُ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ أَرْفَعُ لَهُ قَوَاعِدَهُ، وأَقْضِي عَلَى يَدَيْهِ عِمَارَتَهُ، وأُنِيطُ لَهُ سِقَايَتَهُ، وأُرِيهِ حِلَّهُ وحَرَمَهُ ومَوَاقِفَهُ وأُعْلِمُهُ مَشَاعِرَهُ ومَنَاسِكَهُ، وأَجْعَلُهُ أُمَّةً وَاحِدَةً، قَانِتًا لِي، قَائِمًا بِأَمْرِي دَاعِيًا إِلَى سَبِيلِي أَجْتَبِيهِ وأَهْدِيهِ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ، أَبْتَلِيهِ فَيَصْبِرُ، وأُعَافِيهِ فَيَشْكُرُ،


(١) كذا فِي ب وج. وفِي ا «شعبا».
(٢) كذا فِي ا وج. وفِي ب. «حجيجا».
(٣) كذا فِي ا وج. وفِي ب «غير لي».

<<  <  ج: ص:  >  >>