للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آخِرُ سُوقٍ خَرِبَتْ مِنْ أَسْوَاقِ الْجَاهِلِيَّةِ، وكَانَ وَالِي مَكَّةَ يَسْتَعْمِلُ عَلَيْهَا رجلا يَخْرُجُ مَعَهُ بِجُنْدٍ فَيُقِيمُونَ بِهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ أَوَّلِ رَجَبٍ مُتَوَالِيَةٍ، حَتَّى قَتَلَتِ الْأَزْدُ وَالِيًا كَانَ عَلَيْهَا مِنْ غِنَى (١) بَعَثَهُ دَاوُدُ بْنُ عِيسَى بْنِ مُوسَى فِي سَنَةِ سَبْعٍ وتِسْعِينَ ومِائَةٍ، فَأَشَارَ فُقَهَاءُ أَهْلِ مَكَّةَ عَلَى دَاوُدَ بْنِ عِيسَى بِتَخْرِيبِهَا فَخَرَّبَهَا وتُرِكَتْ إِلَى الْيَوْمِ، وإِنَّمَا تُرِكَ ذِكْرُ حُبَاشَةَ مَعَ هَذِهِ الْأَسْوَاقِ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ فِي مَوَاسِمِ الْحَجِّ ولَا فِي أَشْهُرِهِ وإِنَّمَا كَانَتْ فِي رَجَبٍ قَالَ: وكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ أَفْجَرَ الْفُجُورِ الْعُمْرَةُ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، تَقُولُ قُرَيْشٌ وغَيْرُهَا مِنَ الْعَرَبِ لَا تَحْضُرُوا سُوقَ عُكَاظٍ ومَجَنَّةَ وذِي الْمَجَازِ إِلَّا مُحْرِمِينَ بِالْحَجِّ وكَانُوا يُعَظِّمُونَ أَنْ يَأْتُوا شَيْئًا مِنَ الْمَحَارِمِ أَوْ يَعْدُوا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ وفِي الْحَرَمِ، وإِنَّمَا سُمِّيَ الْفِجَارَ لِمَا صُنِعَ فِيهِ مِنَ الْفُجُورِ، وسُفِكَ فِيهِ مِنَ الدِّمَاءِ، فَكَانُوا يَأْمَنُونَ فِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ وفِي الْحَرَمِ وكَانُوا يَقُولُونَ: إِذَا بَرَأَ الدُّبُرُ، وعَفَى الْوَبَرُ، ودَخَلَ صَفَرٌ حَلَّتِ الْعُمْرَةُ لِمَنِ اعْتَمَرَ - يَعْنُونَ إِذَا بَرَأَ دُبُرُ الْإِبِلِ الَّتِي كَانُوا شَهِدُوا الْمَوْسِمَ وحَجُّوا عَلَيْهَا وعَفَا وبَرُهَا - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ فِي الْإِسْلَامِ دَخَلَتِ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَاعْتَمَرَ رَسُولُ الله عُمَرَةً كُلُّهَا فِي ذِي الْقَعْدَةِ عُمْرَةُ الْحُدَيْبِيَةِ، وعُمْرَةُ الْقَضَا مِنْ قَابِلٍ، وعُمْرَتُهُ مِنَ الْجِعْرَانَةِ كُلُّهَا فِي ذِي الْقَعْدَةِ وأَرْسَلَ عَائِشَةَ مَعَ أَخِيهَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ لَيْلَةَ الْحَصْبَةِ فَاعْتَمَرَتْ (٢) مِنَ التَّنْعِيمِ قَالَ:

وكَانَ مِنْ سُنَّتِهِمْ أَنَّ الرَّجُلَ يُحْدِثُ الْحَدَثَ بِقَتْلِ الرَّجُلِ، أَوْ يَلْطُمُهُ، أَوْ يَضْرِبُهُ فَيَرْبِطُ لِحَا مِنْ لِحَا الْحَرَمِ قِلَادَةً فِي رَقَبَتِهِ ويَقُولُ: أَنَا ضرورة (٣) فيقال: دعوا الضرورة (٤) بِجَهْلِهِ وإِنْ رَمَى بِجَعْرِهِ فِي رجلِهِ فَلَا يَعْرِضُ لَهُ أَحَدٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ لا ضرورة (٥) فِي الْإِسْلَامِ وإِنَّ مَنْ أَحْدَثَ حَدَثًا


(١) كذا فِي جميع الأصول. وفِي ج «عنى».
(٢) كذا فِي جميع الأصول. وفِي ب «اعتمرت».
(٣) كذا فِي ا، ج. وفِي ب، د «صرورة: الصرورة».
(٤) كذا فِي ا، ج. وفِي ب، د «صرورة: الصرورة».
(٥) كذا فِي ا، ج. وفِي ب، د «لا صرورة».

<<  <  ج: ص:  >  >>