للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثَوْبًا؟ فَإِنْ أَعَارَهُ أَحْمَسِيٌّ ثَوْبًا أَوْ أَكْرَاهُ طَافَ بِهِ، وإِنْ لَمْ يُعِرْهُ أَلْقَى ثيابه بِبَابِ الْمَسْجِدِ مِنْ خَارِجٍ ثُمَّ دَخَلَ الطَّوَافَ وهُوَ عُرْيَانٌ، يَبْدَأُ بِإِسَافٍ فَيَسْتَلِمُهُ، ثُمَّ يَسْتَلِمُ الرُّكْنَ الْأَسْوَدَ، ثُمَّ يَأْخُذُ عَنْ يَمِينِهِ ويَطُوفُ ويَجْعَلُ الْكَعْبَةَ عَنْ يَمِينِهِ، فَإِذَا خَتَمَ طَوَافَهُ سَبْعًا اسْتَلَمَ الرُّكْنَ، ثُمَّ اسْتَلَمَ نَائِلَةَ فَيَخْتِمُ بِهَا طَوَافَهُ، ثُمَّ يَخْرُجُ فَيَجِدُ ثِيَابَهُ كَمَا تَرَكَهَا لَمْ تُمَسَّ (١) فَيَأْخُذُهَا فَيَلْبَسُهَا ولَا يَعُودُ إِلَى الطَّوَافِ بَعْدَ ذَلِكَ عُرْيَانًا، ولَمْ يَكُنْ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ إِلَّا الصَّرُورَةُ مِنْ غَيْرِ الْحُمْسِ، فَأَمَّا الْحُمْسُ فَكَانَتْ تَطُوفُ فِي ثِيَابِهَا فَإِنْ تَكَرَّمَ مُتَكَرِّمٌ مِنْ رَجُلٍ أَوِ امْرَأَةٍ مِنْ غَيْرِ الْحُمْسِ ولَمْ يَجِدْ ثِيَابَ أَحْمَسِيٍّ يَطُوفُ فِيهَا ومَعَهُ فَضْلُ ثِيَابٍ يَلْبَسُهَا غَيْرُ ثِيَابِهِ الَّتِي عَلَيْهِ، فَطَافَ فِي ثِيَابِهِ الَّتِي جَاءَ بِهَا مِنَ الْحِلِّ، فَإِذَا فَرَغَ مِنْ طَوَافِهِ نَزَعَ ثِيَابَهُ ثُمَّ جَعَلَهَا لَقًا يَطْرَحُهَا بَيْنَ، إِسَافٍ ونَائِلَةَ، فَلَا يَمَسُّهَا أَحَدٌ ولَا يَنْتَفِعُ بِهَا حَتَّى تَبْلَى مِنْ وطئ الْأَقْدَامِ ومِنَ الشَّمْسِ والرِّيَاحِ والْمَطَرِ، وقَالَ الشَّاعِرُ يذكر ذلك اللقا:

كَفَى حَزَنًا كَرَّى عَلَيْهِ كَأَنَّهُ … لَقًا بَيْنَ أَيْدِي الطَّائِفِينَ حَرِيمُ

يَقُولُ لَا يُمَسُّ: (٢) فَصَارَ هَذَا كُلُّهُ سُنَّةً فِيهِمْ، وذَلِكَ مِنْ صُنْعِ إِبْلِيسَ وتَزْيِينِهِ لَهُمْ مَا يُلَبِّسُ عَلَيْهِمْ مِنْ تَغْيِيرِ الْحَنِيفِيَّةِ دِينِ إِبْرَاهِيمَ، فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ يَوْمًا وكَانَ لَهَا جَمَالٌ وهَيْئَةٌ، فَطَلَبَتْ ثِيَابًا عَارِيَةً فَلَمْ تَجِدْ مَنْ يُعِيرُهَا، فَلَمْ تَجِدْ بُدًّا مِنْ أَنْ تَطُوفَ عُرْيَانَةً فَنَزَعَتْ، ثِيَابَهَا بِبَابِ الْمَسْجِدِ ثُمَّ دَخَلَتِ الْمَسْجِدَ عُرْيَانَةً فوضعت يديها عَلَى فَرْجِهَا وجَعَلَتْ تَقُولُ:

الْيَوْمَ يَبْدُو بَعْضُهُ أَوْ كُلُّهُ … ومَا بَدَا مِنْهُ فَلَا أُحِلُّهُ

قَالَ: فَجَعَلَ فِتْيَانُ مَكَّةَ يَنْظُرُونَ إِلَيْهَا وكَانَ لَهَا حَدِيثٌ طَوِيلٌ، وقَدْ تَزَوَّجَتْ فِي قُرَيْشٍ، قَالَ: وجَاءَتِ امْرَأَةٌ أَيْضًا تَطُوفُ عُرْيَانَةً وكَانَ لَهَا جَمَالٌ، فَرَآهَا رَجُلٌ فَأَعْجَبَتْهُ، فَدَخَلَ الطَّوَافَ وطَافَ فِي جَنْبِهَا لِأَنْ يَمَسَّهَا فَأَدْنَى عَضُدَهُ مِنْ


(١) كذا فِي ب. وفِي جميع الأصول «يمس».
(٢) كذا فِي جميع الأصول. وفِي ب «لا تمس».

<<  <  ج: ص:  >  >>