للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأَمَرَ لِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ بِعَشَرَةِ أَضْعَافِ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ لَهُ (١): ايْتِنِي بخبره، ومَا يَكُونُ مِنْ أَمْرِهِ عِنْدَ رَأْسِ الْحَوْلِ، فَمَاتَ سَيْفُ بْنُ ذِي يَزَنَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَحُولَ الْحَوْلُ، وكَانَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ يَقُولُ: أَيُّهَا النَّاسُ لَا يَغْبِطْنِي رَجُلٌ مِنْكُمْ بِجَزِيلِ عَطَاءِ الْمَلِكِ فَإِنَّهُ إِلَى نَفَادٍ، ولَكِنْ لِيَغْبِطْنِي بِمَا يَبْقَى لِي ولِعَقِبِي شَرَفُهُ وذِكْرُهُ وفَخْرُهُ فَإِذَا قِيلَ لَهُ: ومَا ذَاكَ؟ يَقُولُ: سَتَعْلَمُنَّ ولَوْ بَعْدَ حِينٍ. وفِي ذَلِكَ يَقُولُ أُمَيَّةُ بْنُ عَبْدِ شَمْسٍ:

جَلَبْنَا النُّصْحَ نَحْقِبُهَا الْمَطَايَا … إِلَى أَكْوَارِ أَجْمَالٍ ونُوقِ

مُغَلْغَلَةٍ مَرَاتِعُهَا تَعَالَى … إِلَى صَنْعَاءَ مِنْ فَجٍّ عَمِيقِ

تَؤُمُّ بِنَا ابْنَ ذِي يَزَنَ وتَفْرِي … ذَوَاتُ بُطُونِهَا أُمَّ الطَّرِيقِ

ونَرْعَى (٢) مِنْ مَخَايِلِهَا بُرُوقًا … مُوَاقِفَةَ الْوَمِيضِ إِلَى بُرُوقِ

ولَمَّا وَافَقَتْ (٣) صَنْعَاءَ صَارَتْ … بِدَارِ الْمُلْكِ والْحَسَبِ الْعَرِيقِ

قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ: وقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى الْفِيلَ ومَا صَنَعَ بِأَصْحَابِهِ فَقَالَ:

﴿ألَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ﴾ إِلَى آخِرِهَا ولَوْ لَمْ يَنْطِقِ الْقُرْآنُ به لَكَانَ فِي الْأَخْبَارِ الْمُتَوَاطِئَةِ والْأَشْعَارِ الْمُتَظَاهِرَةِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ والْإِسْلَامِ حُجَّةٌ وبَيَانٌ لِشُهْرَتِهِ ومَا كَانَتِ الْعَرَبُ تُؤَرِّخُ بِهِ، فَكَانُوا يُؤَرِّخُونَ فِي كُتُبِهِمْ ودُيُونِهِمْ مِنْ سَنَةِ الْفِيلِ، وفِيهَا وُلِدَ رَسُولُ اللَّهِ فَلَمْ تَزَلْ قُرَيْشٌ والْعَرَبُ بِمَكَّةَ جَمِيعًا تُؤَرِّخُ بِعَامِ الْفِيلِ، ثُمَّ أَرَّخَتْ بِعَامِ الْفِجَارِ، ثُمَّ أَرَّخَتْ بِبُنْيَانِ الْكَعْبَةِ فَلَمْ تَزَلْ تُؤَرِّخُ بِهِ حَتَّى جَاءَ اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ فَأَرَّخَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ عَامِ الْهِجْرَةِ، ولَقَدْ بَلَغَ مِنْ شُهْرَةِ أَمْرِ الْفِيلِ وصُنْعِ اللَّهِ بِأَصْحَابِهِ واسْتِفَاضَةِ ذَلِكَ فِيهِمْ حَتَّى قَالَتْ عَائِشَةُ عَلَى حَدَاثَةِ سِنِّهَا: لَقَدْ رَأَيْتُ قَائِدَ الْفِيلِ وسَائِسَهُ أَعْمَيَيْنِ بِبَطْنِ مَكَّةَ يَسْتَطْعِمَانِ وقَدْ ذَكَرَ (٤) غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَحْدَاثِ قُرَيْشٍ أَنَّهُ رَآهُمَا أَعْمَيَيْنِ.


(١) كذا فِي جميع الأصول. وفِي ب «قال له» ساقطة.
(٢) كذا فِي ا، ج. وفِي ب، د «ترعى».
(٣) كذا فِي ب، د. وفِي ا، ج «واقفت».
(٤) كذا فِي جميع الأصول. وفِي ب «ذلك» زائدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>