للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنْتَ وذَاكَ، قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وقَدْ كَانَ فِيمَا يَزْعُمُ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ قد ذَهَبَ مَعَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ إِلَى أَبْرَهَةَ حِينَ بَعَثَ إِلَيْهِ حِنَاطَةَ الْحِمْيَرِيَّ يَعْمَرُ بْنُ نُفَاثَةَ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الدِّيلِ بْنِ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ كِنَانَةَ. وهُوَ يَوْمَئِذٍ سَيِّدُ بَنِي بَكْرٍ وخُوَيْلِدُ بْنُ وَاثِلَةَ الْهُذَلِيُّ وهُوَ يَوْمَئِذٍ سَيِّدُ هُذَيْلٍ فَعَرَضُوا عَلَى أَبْرَهَةَ ثُلُثَ أَمْوَالِ تِهَامَةَ عَلَى أَنْ يَرْجِعَ عَنْهُمْ. ولَا يَهْدِمَ الْبَيْتَ فَأَبَى عَلَيْهِمْ. واللَّهُ أَعْلَمُ أكَانَ ذَلِكَ أَمْ لَا. وقَدْ كَانَ ابرهة رَدَّ عَلَى عَبْدِ الْمُطَّلِبِ الابل التي كان أَصَابَ فَلَمَّا انْصَرَفُوا عَنْهُ انْصَرَفَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ إِلَى قُرَيْشٍ فَأَخْبَرَهُمُ الْخَبَرَ وأَمَرَهُمْ بِالْخُرُوجِ مِنْ مَكَّةَ والتَّحَرُّزِ فِي شَعَفِ الْجِبَالِ خَوْفًا عَلَيْهِمْ مِنْ (١) مَعَرَّةِ الْجَيْشِ (٢) ثُمَّ قَامَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ فَأَخَذَ بِحَلْقَةِ بَابِ الْكَعْبَةِ. وقَامَ مَعَهُ نَفَرٌ مِنْ قُرَيْشٍ يَدْعُونَ اللَّهَ ﷿ ويَسْتَنْصِرُونَهُ عَلَى أَبْرَهَةَ وجُنْدِهِ، فَقَالَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ وهُوَ آخِذٌ بِحَلْقَةِ بَابِ الْكَعْبَةِ:

يَا رَبِّ إِنَّ الْمَرْءَ يَمْنَعُ … رَحْلَهُ فَامْنَعْ حَلَالَكْ

لَا يَغْلِبَنَّ صَلِيبُهُمْ … ومِحَالُهُمْ عَدْوًا مِحَالَكْ

إِنْ كُنْتَ تَارِكَهُمْ وق … بلتنا فَأْمُرْ مَا بَدَا لَكْ

ولَئِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّهُ … أَمْرٌ يُتِمُّ بِهِ فِعَالَكْ (٣)

ثُمَّ أَرْسَلَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ حَلْقَةَ بَابِ الْكَعْبَةِ وانْطَلَقَ هُوَ ومَنْ مَعَهُ مِنْ قُرَيْشٍ إِلَى شَعَفِ الْجِبَالِ فَتَحَرَّزُوا فِيهَا يَنْتَظِرُونَ مَا أَبْرَهَةُ فَاعِلٌ بِمَكَّةَ إِذَا دَخَلَهَا وقَالَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ أَيْضًا:

قُلْتُ والْأَشْرَمُ تَرْدِي خَيْلُهُ … إِنَّ ذَا الْأَشْرَمَ غَرَّ بِالْحَرَمْ

كَادَهُ تُبَّعُ فِيمَا جَنَّدَتْ … حِمْيَرٌ والْحَيُّ مِنْ آلِ قِدَمْ


(١) كذا فِي ا، ج. وفِي ب، د «من» ساقطة.
(٢) كذا فِي جميع الأصول. وفِي الروض «الحبش».
(٣) كذا فِي سيرة ابن هشام وبلوغ الارب. وفِي جميع الأصول بعض الاختلاف فِي الرواية، واختلال فِي الوزن صححناها كما جاء فِي المصادر المذكورة.

<<  <  ج: ص:  >  >>