سلمة، والله أعلم. وقد حفظت عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، ودخلت عليه وهو يغتسل، فنضح في وجهها؛ فلم يزل ماء الشباب في وجهها حتى كَبِرَتْ".
قلت: والحق أن أحاديث زينب هذه مرسلة كما ذهب إليه ابن القطان؛ فإننا لم تجد لها رواية فيها التصريح بسماعها منه صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، وهي وإن كانت ثبت لها رؤية، فهي -من هذه الحيثية- صحابية في أصح الأقوال، ولكنها من حيث الرواية تابعية؛ لأنها لم تكن قد بلغت سن التمييز حين وفاته - عليه السلام -، فقد كان عمرها آنئذٍ بين السادسة والسابعة؛ لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ كان قد تزوج أمها أم سلمة في السنة الرابعة من الهجرة على الصحيح، كما في "التهذيب"، وكانت زينب حينئذ لا تزال ترضع، كما روى الحاكم (٤/ ١٦ - ١٧)، وأحمد (٦/ ٢٩٥ و ٣١٣ - ٣١٤) من طريق عمر بن أبي سلمة عن أم سلمة في قصة وفاة زوجها أبي سلمة، ثم تَزَوَّجِ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ بها؛ قالت:
فكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يأتيها وهي ترضع زينب، فكانت إذا جاء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ؛ أخذتها فوضعتها في حجرها ترضعها ... الحديث. وقال الحاكم:
"صحيح الإسناد"، ووافقه الذهبي، والحافظ في "التهذيب".
وله طريقان آخران عن أم سلمة: أخرجهما أحمد (٦/ ٣٠٧ و ٣٢٠ و ٣٢١)، ولفظه في أحدهما:
قالت: فلما وضعتُ زينبَ؛ جاءتي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فخطبني ... (١) الحديث نحوه.
وإسناده صحيح على شرط الشيخين. فقول ابن القيم:
أنها "قد حفظت عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ"! مع أنه مما لا دليل عليه؛ لا تساعده هذه
(١) وهذا الحديث يرد قول الواقدي أن زينب بنت أبي سلمة ولدت بأرض الحبشة.