"وهذا الحديث أحسن شيء روي في هذا الباب". وقال الطحاوي:
"حديث صحيح مستقيم الإسناد". قال في "التلخيص"(١/ ٤٨ - ٤٩):
"وصححه عمرو بن علي الفلاس وقال: هو عندنا أثبت من حديث بسرة.
وروي عن ابن المديني أنه قال: هو عندنا أحسن من حديث بسرة. وصححه أيضًا ابن حبان والطبراني وابن حزم [١/ ٢٣٩] ".
قلت: ولست أشك أن حديث بسرة أصح من هذا؛ لأن إسناده أشهر، ولأن له شواهد قوية؛ بخلاف هذا، فليس له إلا شواهد ضعيفة الأسانيد، كما يتبين لك ذلك بمراجعة "نصب الراية" و "التلخيص".
ولكن الحديث على كل حال صحيح، ولا ضرورة لادعاء للنسخ في أحدهما؛ لأنه يمكن الجمع بينهما بأن يقال: إن كان المس بدون شهوة فهو لا ينقض؛ لأنه يكون كما لو مسّ بضعة أخرى من بدنه، وإن كان المس بشهوة؛ فالعمل على حديث بسرة، ولا يخالفه هذا؛ لأنه لا يكون المس حينئذ كما لو مس بضعة أخرى.
وإلى هذا ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الجمع بين الحديثين، وتبعه بعض المحققين من المتأخرين.
قلت: ومما يؤيد ذلك أن: الحديث صدر جوابًا لمن سأله عن الرجل يمس ذكره وهو في الصلاة؛ كما في روايتين عن قيس بن طلق: لابن حبان. ولا يخفى أن هذه قرينة قوية جدًّا للجمع المذكور؛ لأنه لا يتصور وقوع المسّ بشهوة في الصلاة، وقد أشار إلى ذلك من قاله من السلف: سواءً مَسسْتُهُ أو مَسسْتُ أنفي.
قلت: روايتين .. وأعني بإحداهما: روايته من طريق عبد الله بن بدر،