الأولى أن معاوية هو الذي قصر عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، فيكون هذا هو المحفوظ عنه.
ثانيًا: هل كان التقصير المذكور في عمرته صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أم في حجته؟
اضطرب الرواة في ذلك أيضًا، ففي رواية روح المتقدمة عن ابن جريج قوله: في عمرته.
رواه البيهقي.
وتابعه عليها يحيى بن سعيد: عند النسائي.
ولم يذكرها المصنف وأحمد ومسلم عنه، كما سبق.
وخالفه الحسن بن علي -وهو الحُلْوَاني، أحد شيوخ المصنف- في الرواية الآتية، فزاد في آخر الحديث: لحجته.
ويشهد لها رواية ابن حُجَيْرِ عن طاوس المتقدمة، لا سيما التي بلفظ النسائي؛ فإنها ظاهرة في الحج.
وأصرح من ذلك رواية الليث بن أبي سليم، على ضعفها.
ولعل الأرجح من ذلك رواية من قال: في عمرته؛ لاتفاق ثقتين عليها، ولإمكان صحة ذلك من معاوية، بخلاف الرواية الأخرى؛ فإنها غلط.
ولا يبعد أن يكون من معاوية نفسه، وبه جزم ابن القيم رحمه الله في "زاد المعاد"(١/ ٢٦٣)، فقال:
"وهذا مما أنكره الناس على معاوية وغلّطوه فيه، أصابه ما أصاب ابن عمر في قوله: إنه اعتمر في رجب؛ فإن سائر الأحاديث الصحيحة المستفيضة من الوجوه المتعددة كلها تدل على أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ لم يَحِلَّ من إحرامه إلى يوم النحر، ولذلك أخبر