وكذلك أخرجه أحمد (٦/ ٢٧٣) من طريقه -أعني: الماجشون-، وهو أوثق من حماد بن سلمة بكثير؛ فإنه ثقة فقيه محتج به في "الصحيحين".
وأما حماد؛ فثقة عابد أثبت الناس في ثابت، وتغيَّرَ حفظه بأخرة، ولم يحتجَّ به البخاري، وإنما مسلم وحده، كما في "التقريب". وقال فيه الذهبي في "المغني":
"إمام ثقة، له أوهام وغرائب، وغيره أثبت منه". على أن الحاكم قال في "المدخل":
"ما خرج مسلم لحماد في الأصول إلا من حديثه عن ثابت، وقد خرج له في الشواهد عن طائفة".
قلت: وهذا الحديث إنما أخرجه له مسلم في الشواهد؛ ولذلك لم يسق لفظه كما سبق ذكره.
ولذلك؛ فإني أجزم بأنه وهم في هذا الحرف من الحديث؛ لمخالفته فيه للماجشون، وهو أوثق منه، ولذلك اعتمد عليه مسلم في لفظ الحديث دون لفظ حماد. ويؤيد ذلك أمور:
الأول: أن ابن إسحاق قد خالفه أيضًا في لفظه، موافقًا للفظ الماجشون، فقال: حدثني عبد الرحمن بن القاسم ... به.
أخرجه أحمد أيضًا (٦/ ٢٧٣).
واثنان أحفظ من واحد؛ ولا سيما إذا كان أحدهما أحفظ منه!
الثاني: أن الزيادة التي تفرد بها حماد دون الثقتين المذكورين -وهي قوله:"من شاء أن يجعلها عمرة"- إنما محلها في أول حجته صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ في ذي الحليفة، كما