وأما الرواية الأخرى؛ فليس فيها ما في الأولى؛ فإن لفظها:
كان سالم مولى أبي حذيفة يؤم المهاجرين الأولين وأصحابَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ في مسجد قباء؛ فيهم أبو بكر وعمر وأبو سلمة وزيد وعامر بن ربيعة.
فليس فيها أن الإمامة الواردة فيها كانت قبل القدوم حتى يرد الإشكال؛ بل فيها عكس ذلك؛ فإن من المعلوم أن مسجد قباء إنما بناه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ بعد قدومه إلى المدينة؛ كما في "صحيح البخاري"(٧/ ١٩٥).
وفي هذه الرواية: أن إمامته بأبي بكر إنما كانت فيه؛ فهي كالنص على أن ذلك كان بعد القدوم، فإذا ضَمَمْتَ هذا إلى ما أفادته الرواية الأولى -كما هو الواجب في أمثاله- ينتج منه أن سالمًا رضي الله عنه كان يؤمهم قبل القدوم وفيهم عمر؛ وغيره، وبعد القدوم وفيهم أبو بكر وغيره. وبذلك يطيح الإشكال من أصله. والله تعالى ولي التوفيق.
(تنبيه): قال المنذري في "مختصره": "وأخرجه البخاري؛ وليس فيه ذكر عمر وأبي سلمة"!
وهذا النفي خطأ، كما عرفت مما سبق.
٦٠٤ - عن مالك بن الحويرث: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قال له -أو لصاحب له-:
"إذا حضرت الصلاة؛ فأذِّنا ثم أقيما، ثم ليؤمَّكما أكبركما". (زاد في رواية: قال: وكنا يومئذ متقاربين في العلم).
(وفي الرواية الأولى: قال خالد: قلت لأبي قلابة: فأين القرآن؟ قال: إنهما كانا متقاربين).
(قلت: إسناد الرواية الأولى صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجها هو