ثم ذكر النقول عنهم في ذلك؛ وليست صريحة في تصحيحهم الحديث! وإنما صححوا رواية أبي إسحاق عن عبد الله بن أبي بصير عن أبيه، وروايته عن أبي بصير مباشرة، ولا يلزم منه صحة الحديث، كما لا يخفى!
اللهم إلا ما نقله عن ابن المديني؛ ففيه التصريح بذلك؛ حيث قال:
"وما أرى الحديث إلا صحيحًا".
قلت: وترجيح هؤلاء الأئمة للوجه الثالث؛ يقتضي أن الوجه الأول فيه انقطاع بين ابن أبي بصير وأُبيّ؛ لأن الوجه الثالث قد بيَّن أن بينهما أبا بصير.
وأيضًا؛ فليس في شيء من الروايات تصريح ابن أبي بصير بسماعه من أبيّ؛ فقد عاد الحديث إلى أنه من رواية أبي إسحاق عن أبي بصير -سمعه منه- عن أُبيّ -سمعه منه-.
وهذا إسناد متصل؛ إلا أنه يبقى النظر في حال أبي بصير هذا! ويظهر أنه كحال ابنه لا يعرف؛ فإنهم لم يذكروا توثيقه عن غير ابن حبان، ولم يذكروا في الرواة عنه غير من دار الحديث عليهم عنه، وهم: أبو إسحاق -وهو ثقة-، وابنه عبد الله بن أبي بصير -وهو مجهول-، والعيزار بن حريث -وهو ثقة-؛ لكن الرواية عنه شاذة فيما يظهر: رواها عنه أبو الأحوص -كما تقدم-عن أبي إسحاق عنه.
وقد روى البيهقي عن محمد بن يحيى -وهو الذهلي- أنه قال:
"في رواية خالد بن الحارث ويحبي بن سعيد دلالة أن هذه الروايات محفوظة -من قال: عن أبيه، ومن لم يقل-؛ خلا حديث أبي الأحوص؛ ما أدري كيف هو؟ ".
لكن الحديث له شاهد يأتي ذكره، فيرقى إلى درجة الحسن إن شاء الله تعالى؛ لا سيما وقد صححه من عرفت، وصححه أيضًا ابن السكن والعقيلي -كما في "التلخيص"(٤/ ٢٨٤) -.