لكن قوله في الحديث: إلى نصف الذراع ... شاذ؛ تفرد به سلمة بن كهيل، وكان يشك في هذه الزيادة، فمرة يثبتها كما في هذه الرواية والرواية الآتية، ومرة يشك فيها كما في الرواية الآتية (رقم ٣٤٧) من طريق أخرى، وبإسناد آخر له عن عبد الرحمن بن أبزى، ومرة ينفيها فلا يذكرها، كما سنذكره (رقم ٣٤٨).
وقد تابعه على ذلك: الحكم بن عتيبة وغيره، كما يأتي، فانظر (رقم ٣٥١).
فهذا هو الصحيح في هذا الحديث: الاقتصار على ذكر الكفين فقط، وهو الذي ثبت من طريق شقيق المتقدمة (رقم ٣٤٤)، وهو الذي رجحه البيهقي؛ فقال في "عون المعبود":
"قال البيهقي في "المعرفة": واختلفوا فيه على أبي مالك حبيب بن صهبان؛ فقيل: عنه عن عبد الرحمن بن أبزى: إلى نصف الذراع. وقيل: عنه عن عمار نفسه: وجهه وكفيه. والاعتماد على رواية الحكم بن عتيبة؛ فهو فقيه حافظ لم يشك في الحديث. وسياقه أحسن"!
قلت: كذا قال البيهقي: "أبي مالك حبيب بن صهبان"! وهو من طبقة أبي مالك غزوان الغفاري، كلاهما من التابعين، وهما -وإن كانا اشتركا في الرواية عن عمار بن ياسر- فإني أرى أن الراوي لهذا الحديث إنما هو غزوان الغفاري كما ذكرت آنفًا؛ وذلك لأمور:
أولًا: أنهم ذكروا في ترجمته في الرواة عنه: سلمة بن كهيل وحصين بن عبد الرحمن، وهما من رواة هذا الحديث عنه؛ بخلاف حبيب بن صهبان؛ فلم يذكروا ذلك في ترجمته.