وقد غفل ابن حزم عن هذه الرواية الصحيحة؛ فأعل الحديث بالرواية الرجوحة؛ قال:
"فعمر بن طلحة غير مخلوق، لا يعرف لطلحة ابن اسمه عمر"!
وأعله أيضًا بأن الذين رووه عن ابن عقيل؛ كلهم ضعيف؛ حاشا عبيد الله بن عمرو الرقي؛ فإن الذي رواه عنه ضعيف؛ وهو الحارث بن أبي أسامة! !
وهذا نقد خاطئ؛ فإن هؤلاء الذين رووه عن ابن عقيل؛ أكثرهم ثقات غير متهمين؛ وإنما ضُعِّفوا من قبل حفظهم، فمثل هولاء إذا اجتمعوا على رواية حديث؛ دلَّ ذلك على صحته؛ لأنه يبعد جدًّا أن يكون كل منهم أخطأه حفظه موافقًا زميله في ذلك؛ لا سيما وإن فيهم زهير بن محمد؛ وقد احتج به الشيخان، وصرح البخاري أنه صحيح الحديث فيما رواه أهل البصرة عنه.
وهذا الحديث من هذا القبيل؛ فإنه من رواية عبد الملك بن عمرو أبي عامر العقدي، وهو بصري؛ فيكون -على قول البخاري- صحيحًا كما قال ابن القيم في "التهذيب"، وقد صرح بصحة الحديث في رواية الترمذي عنه كما ذكرت آنفًا (ص ٥١٠). فتضعيف رواية زهير مطلقًا؛ خطأ واضح لا يجوز أن يُغْتَرُّ به!
وقد أطال ابن القيم رحمه الله في الرد على ابن حزم وغيره ممن ضعفوا الحديث، وأجاب عن كل ما أعلوه به؛ فراجعه (١/ ١٨٣ - ١٨٧).
وممن صحح الحديث من المتأخرين: النووي رحمه الله؛ فقال في "المجموع"(٢/ ٣٧٧ و ٣٩٧):
"حديث صحيح".
وكذا قال ابن العربي -كما في "نيل الأوطار"(١/ ٢٣٨) -، ثم نقل النووي كلامَ الترمذي المذكور (ص ٥١٠)، ثم قال: