"وفي هذا ما دل على أنه لم يحفظه، وهو سماع عروة من فاطمة بنت أبي حُبَيْشٍ؛ فقد بيَّن هشام بن عروة أن أباه إنما سمع قصة فاطمة بنت أبي حُبَيْشٍ من عائشة. وروايته في الإسناد والمتن جميعًا أصح من رواية المنذر بن المغيرة". وتعقبه ابن التركماني بقوله:
"رواه هشام عن أبيه عنها، وليس في روايته هذا الحصر الذي ذكره البيهقي؛ وهو أنه بين أن أباه إنما سمع القصة منها. وقد زعم ابن حزم أن عروة أدرك فاطمة، ولم يَسْتَبْعِد أن يسمعه من فاطمة".
وجزم بسماع عروة من عائشة وفاطمة: ابنُ القيم رحمه الله؛ فقال في "التهذيب"(١/ ٨٢ - ١٨٣) -ردًّا على إعلال ابن القطان للحديث؛ بقوله:"المغيرة مجهول. قاله أبو حاتم الرازي، والحديث عند غير أبي داود معنعن، لم يقل فيه: إن فاطمة حدثته"-. قال ابن القيم:
["إنَّ عروة قد أدرك عائشة وفاطمة] كلتيهما، وسمع منهما بلا ريب، ففاطمة بنت عمه وعائشة خالته؛ فالانقطاع الذي رمى به الحديث مقطوع دابره، وقد صرح بأن فاطمة حدثته. وقوله: إن المغيرة جهله أبو حاتم؛ لا يضره ذلك؛ فإن أبا حاتم الرازي يجهل رجالًا وهم ثقات معروفون، وهو متشدد في الرجال، وقد وثق المغيرةَ جماعةٌ وأثنوا عليه وعرفوه. وقوله: الحديث عند غير أبي داود معنعن؛ فإن ذلك لا يضره؛ ولا سيّما على أصله في زيادة الثقة، فقد صرح سهيل عن الزهري عن عروة قال: حدثتني فاطمة. [قلت: يعني: الرواية الآتية (رقم ٢٧٣)]. وحَمْلُهُ على سهيل وأن هذا مما ساء حفظه فيه: دعوى باطلة، وقد صحح مسلم وغيره حديث سهيل"!
قلت: وفي هذا الرد نظر من وجهين:
الأول: قوله: "وقد وثق المغيرة جماعةٌ"، وهذا وهم تبع فيه ابن القطان؛ وإنما