والمصنف إنما أشار إلى الاختلاف الذي وقع في إسناده؛ ففي هذه الرواية: أن عروة رواه عن زينب بنت أبي سلمة عن والدتها أم سلمة؛ رواه عنه ابنه هشام.
وفي تلك: رواه عن عائشة؛ رواه عنه الزهري ومسافع الحجبي.
وكأن المصنف رحمه الله أشار إلى ترجيحه هذه الرواية لاتفاق الثقتين عليها.
قال الحافظ:
"فظاهر صنيع البخاري: ترجيح رواية هشام ... لكن نقل ابن عبد البر عن الذُّهلي أنه صحَّح الروايتين ... وقال النووي في "شرح مسلم": يحتمل أن تكون عائشة وأم سلمة جميعًا أنكرتا على أم سليم". قال الحافظ:
"وهو جمع حسن؛ لأنه لا يمتنع حضور أم سلمة وعائشة عند النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ في مجلس واحد". قال في "عون المعبود" -تعليقًا على قول الحافظ:"وهو جمع حسن"-:
"قلت: بل هو متعين؛ لصحة الروايتين في ذلك".
قلت: وليست رواية هشام عن أبيه وحيدة في المعنى؛ فقد أخرج أحمد (٦/ ٣٠٨)، والطحاوي (٣/ ٢٧٦) من طريق عبد الله بن رافع مولى أم سلمة ... عن أم سلمة ... مثل حديث هشام.
وإسناده صحيح على شرط مسلم.
وورد مثله من حديث أنس وأم سليم نفسها؛ وقد ذكرناهما عند حديث عائشة الأول في الباب.
فقد وُجد لكل من الروايتين شواهد؛ مما يدل على أن القصتين صحيحتان،