الراوي غيره من الرواة ممَّن يكون مثله أو أوثق منه، وهناك ينظر في الجمع أو الترجيح، وأما الانفراد وحده؛ فليس بعلّة. ومع ذلك؛ فإن العمري لم يتفرد بأصل القصة؛ وهي معروفة في "الصحيحين" وغيرهما من حديث أم سلمة"! !
قلت: فذكر حديثها؛ وهو الآتي (رقم ٢٣٧)؛ ثم ذكره من حديث أم سليم، ومن حديث أنس! !
ونحن نرى أن الحق ما ذهب إليه الشوكاني؛ لما عرفت من حال العمري في سوء الحفظ. والشوكاني رحمه الله لما كان يرى ذلك، ورأى أنه انفرد بالحديث -يعني: بتمامه- جعل ذلك علة أخرى؛ بمعنى أنه لو توبع فيه -ولو من مثله في الحفظ- لكان ربما حكم على الحديث بالحسن أو الصحة، فلما تفرد به؛ جعله علّة أخرى، وهو لا يريد بذلك أن التفرد -مطلقًا- علّة؛ بل أراد ذلك من مثل (العمري) في ضعفما حفظه. ولذلك فلا يرد عليه كلام الشيخ: "وأما الانفراد وحده؛ فليس بعلّة"! !
وقوله هذا حق؛ لكن ليس على إطلاقه، كما عرفت!
وأما عطفه على ذلك أن (العمري) لم يتفرد بأصل القصة! ! فهو من الحجة للشوكاني على الشيخ؛ لأن الروايات المذكورة ليس في شيء منها ما في رواية العمري هذه؛ من السؤال عن الرجل يجد البلل ولا يذكر احتلامًا؛ وقد أشار الترمذي في كلامه السابق إلى أنه تفرد بهذا القدر من الحديث.
فهذا التفرد -مع ثبوت سوء حفظه- ممَّا يزيد وَهَنَ الحديث ويضعِّفه، كما هو واضح، والحمد لله!
وأما القدر الآخر من الحديث -والذي فيه: "إنما النساء شقائق الرجال"-؛ فهو حديث صحيح، جاء من غير هذه الطريق؛ من حديث أنس وأم سليم.