والحديث أخرجه الحاكم (١/ ١٤٧) من طريق خلاد بن يحيى السُّلَمِيّ: ثنا هشام بن سعد ... به، لكنه لم يذكر مسح النعل من فوق؛ بل قال:
ومسح أسفل النعلين. وقال:
"صحيح على شرط مسلم"! ووافقه الذهبي!
كذا! مع أنه نقل عنه كما سلف أن مسلمًا إنما أخرج لابن سعد في الشواهد؛ فإذا صح هذا؛ فلا يصح قولهما.
وإن صح هذا؛ فلا يصح ذاك.
ثم إنني أرى أن ذكر المسح على النعلين -من فوقهما ومن تحتهما- لا معنى له مع رش الرجلين الذي هو كناية عن غسلهما، بل ذلك من أوهام هشام بن سعد؛ فقد تابعه على هذا الحديث جمع من الثقات، فلم يذكر أحد منهم المسح على النعلين.
لا أقول هذا إنكارًا لثبوت المسح على النعلين؛ كلًّا؛ فذلك ثابت عن النّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ؛ لكن في غير هذا الحديث، كما سيأتي في الكتاب (برقم ١٤٧، وغيره).
وقال الحافظ في "الفتح":
"وأما ما وقع عند أبي داود والحاكم: فرش على رجله اليمنى ... إلخ؛ فالمراد بالمسح تسييل الماء حتى يستوعب العضو، وقد صح أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ كان يتوضأ في النعل؛ كما سيأتي من حديث ابن عمر. وأما قوله: تحت النعل؛ فإن لم يحمل على التجوز عن القدم؛ وإلا فهي رواية شاذة، وراويها هشام بن سعد لا يحتج بما تفرد به؛ فكيف إذا خالف"!