الفسخ -وما أكثرها-، وقد أشرت في الأعلى إلى بعضها. قال ابن القيم في "تهذيب السنن":
"وهذا الحديث قد تضمن أمرين:
أحدهما: فعل الصحابة لها، وهو بلا ريب بأمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، وهو رواية.
والثاني: اختصاصهم بها دون غيرهم، وهذا رأي، فروايته حجة، ورأيه غير حجة. وقد خالفه فيه عبد الله بن عباس وأبو موسى الأشعري.
وقد حمله طائفة على أن الذي اختصوا به هو وجوب الفسخ عليهم حتمًا. وأما غيرهم فيستحب له ذلك، هذا إذا كان مراده متعة الفسخ. وإن كان المراد مطلق المتعة؛ فهو خلاف الإجماع والسنة المتواترة. والله أعلم".
قلت: الحمل المذكور بعيد جدًّا عن بعض ألفاظ الحديث! ففي رواية عبد الوارث بن أبي حنيفة قال: سمعت إبراهيم التيمي يحدث عن أبيه عن أبي ذر قال في متعة الحج:
ليست لكم، ولستم منها في شيء؛ إنما كانت ... الحديث.
أخرجه النسائي بإسناد صحيح، كما قال ابن القيم.
فهذا منه صريح في أنه ينفي مطلق المشروعية، وكذلك -هو يعني- مطلق المتعة، وليس متعة الفسخ؛ بدليل رواية عبد الرحمن بن أبي الشعثاء قال:
قلت: لإبراهيم النخعي وإبراهيم التيمي: إني أهِمُّ أن أجمع العمرة والحج؟ ! فقال إبراهيم النخعي: لكنَّ أباك لم يكن يهم بذلك! وقال إبراهيم التيمي عن أبيه: أنه مرَّ بأبي ذر رضي الله عنه بالرَّبَذَة، فذكر له ذلك؟ ! فقال: إنما كانت لنا خاصةً دونكم.