الروايات، بحيث لا يمكن ترجيح بعضها على بعض بشيء من وجوه الترجيح؛ كحفظ راويها أو ضبطه أو كثرة صحبته، أو غير ذلك من الوجوه! فأما إذا ترجح لدينا إحدى الروايات على غيرها؛ فالحكم حينئذ لها، والحديث صحيح، ولا يطلق عليه وصف المضطرب، أو على الأقل: ليس له حكمه، كما أفاده ابن الصلاح في "المقدمة".
وإذا كان لا بد من الترجيح بين الروايات السابقة؛ فرواية من قال: عن قتادة عن القاسم بن عوف عن زيد بن أرقم؛ هي أرجح لدينا؛ وذلك لأن سعيد بن أبي عروبة وهشامًا الدستوائي أثبت الناس في الرواية عن قتادة، كما قال ابن أبي خيثمة وغيره.
ثمّ إن رواية سعيد مقدمة على رواية هشام؛ لما فيها من الزيادة في الإسناد، وهي من ثقة، فيجب قبولها. على أن أبا داود الطيالسي قال في سعيد:
"كان أحفظ أصحاب قتادة".
وقد صرح الإمام البيهقي في رواية معمر -التي ذكرها الترمذي- أنها وهم؛ كما في "سننه". وقتادة بصري وفيما حدث معمر -وهو ابن راشد- بالبصرة شيء من الضعف، كما ذكر الحافظ في "التقريب"، فروايته لا تقاوم رواية أوثق الناس في قتادة عند الاختلاف، فلم يبق ما يقوم للمعارضة إلا رواية شعبه، وهو ثقة حافظ متقن؛ ولذلك فالرأي عندي ثبوت روايته مع رواية سعيد؛ كما جريت عليه في صدر الكلام.
لكني؛ أقول: إن كان لا بد من الترجيح؛ فرواية سعيد مقدمة عليه؛ ومعه متابع له في الجملة كما سبق بيانه؛ والله تعالى أعلم.
ثمّ إن الحديث رواه بعض الضعفاء عن قتادة على وجه آخر بلفظ:
"هذه الحشوش محتضرة، فإذا دخل أحدكم الخلاء فليقل: بسم الله".