فالسند صحيح؛ لأن جهالة الصحابة لا تضر؛ وإلا فهو تابعي مجهول، فيصلح شاهدًا لما قبله. وقد ذكر السيوطي في "اللآلي المصنوعة"(٢/ ٢٣) عن الحافظ ابن حجر قال:
"وقد وجدت في ترجمة عروة بن رويم من "الشاميين" للطبراني حديثين أخرجهما من طريق أبي توبة -وهو الربيع بن نافع- شيخ أبي داود فيه بهذا السند بعينه، فقال فيهما: حدثني أبو كبشة الأنماري. فلعل الميم كُبِّرَتْ قليلًا، فأشبهت الصاد! فإن يكن كذلك؛ فصحابي هذا الحديث أبو كبشة. وعلى التقديرين؛ فسند هذا الحديث لا ينحطُّ عن درجة الحسن، فكيف إذا ضُمَّ إلى رواية أبي الجوزاء عن عبد الله بن عمرو، التي أخرجها أبو داود، وقد حسنها المنذري. وممن صحح هذا الحديث أو حسنه -غير من تقدم-: ابن منده ... ".
والحديث أخرجه البيهقي (٣/ ٥٢)، والخطيب (٢٠٣/ ١ - ٢) من طريق المصنف.
وبالجملة؛ فالحديث بهذه الطرق والشواهد صحيح، لا يشك في ذلك من كان عنده معرفة بطريقة نقد الأسانيد، والجرح والتعدبل، ووقف عليها؛ فضلًا عن غيرها مما لم يخرجه المصنف رحمه الله تعالى؛ فإنه يقطع بما ذكرنا من صحَّته.
ولذلك نقم العلماء على ابن الجوزي إيراده إياه في "الموضوعات"، كما تراه مبسوطًا في "اللآلي"(٢/ ٢٠ - ٢٤) للسيوطي، و "الآثار المرفوعة في الأخبار الموضوعة" لأبي الحسنات اللكنوي، وقد أطال فيه النفس جدًّا في تتبع طرق الحديث وكلام العلماء فيها؛ بما لا تراه في غيره (٣٥٣ - ٣٧٤). وفي القدر الذي ذكرنا مَقْنَعٌ للمُنْصِفِ!