ونقل الحافظ في "التلخيص" تصحيحه عن البخاري والدارقطني والعقيلي. وفي "نصب الراية"(١/ ١٣٧):
"قال الشيخ تقي الدين في "الإمام": ورواه ابن خزيمة وابن منده في "صحيحيهما"؛ لكن ابن منده قال: وحميدة وخالتها كبشة لا يعرف لهما رواية إلا في هذا الحديث، ومحلهما محل الجهالة، ولا يثبت هذا الخبر من وجه من الوجوه. قال الشيخ: وإذا لم يعرف لهما رواية إلا في هذا الحديث؛ فلعل طريق من صححه أن يكون اعتمد على إخراج مالك لروايتها؛ مع شهرته بالتثبت".
قلت: وأيضًا؛ فإن حميدة قد وثقها ابن حبان كما سبق؛ وهو وإن كان معروفًا بالتساهل في التوثيق؛ غير أنه قد أيده في ذلك تصحيح من صحح الحديث من الأئمة الفحول، كالبخاري وغيره ممن سبق ذكرهم.
وأما كبشة فقد قال ابن حبان:
"لها صحبة"؛ وتبعه الزبير بن بكار وأبو موسى؛ كما في "تهذيب التهذيب".
ثمّ إن للحديث طرقًا وشاهدًا من طرق، لا يبقى معها مجال للشك في صحة الحديث.
فمن طرقه: ما قاله الشافعي في "المسند"(ص ٣) -بعدما ساق الحديث من طريق مالك-: أنبأنا الثقة عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه عن النبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ... مثله أو مثل معناه.
والثقة هذا الذي لم يسم: هو همام بن يحيى أبو بكر البصري؛ وهو ثقة، كما قال الشافعي؛ احتج به الشيخان: أخرجه البيهقي (١/ ٢٤٦) من طريق عفان عن همام: ثنا يحيى بن أبي كثير. .. به.
وهذا إسناد صحيح على شرطهما؛ إذا كان يحيى سمعه من عبد الله بن أبي قتادة.