إذا عرفت -أيها العاقل- أنَّ الله هو ربك الذي خلقك؛ فاعلم أنَّ الله لم يخلقك عبثًا، وإنما خلقك لعبادته، والدليل قوله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (٥٦) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (٥٧) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (٥٨)﴾ [الذاريات]
المعنى الإجمالي للآيات:
يخبر الله تعالى في الآية الأولى: أنه خلق الجن (١) وبني الإنسان من أجل أن يعبدوه وحده، ويخبر في الآيتين الثانية والثالثة أنه غني عن عباده، فلا يريد منهم رزقًا ولا إطعامًا؛ لأنه هو الرزاق القوي، الذي لا رزق للناس وغيرهم إلا من عنده، فهو الذي ينزل المطر، ويخرج الأرزاق من الأرض.
وأما المخلوقات الأخرى التي في الأرض غير العقلاء، فقد أخبر الله تعالى أنه خلقها من أجل الإنسان، ليستعين بها على طاعته، ويتصرف نحوها على شريعة الله، وكل مخلوق وكل حركة وسكون في الكون
(١) قال المصنف ﵀ في الحاشية: «الجن: خلقٌ عقلاء خلقهم الله لعبادته مثل بني آدم، ويسكنون مع بني الإنسان في الأرض، ولكن بني الإنسان لا يرونهم».