للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[التعليق]

هذه البراهين -الثاني والثالث والرابع- كلها في الحقيقة تندرج في الأول وهو برهان الخلق، فإنَّ خَلْق الذكر والأنثى وخَلْق الناس متفاوتين في أحوالهم وأقدارهم كله مندرجٌ في الخلق، فالله خلق السموات والأرض ومَن فيهن، وخلق الناس وجعلهم أنواعًا وجعل لهم أحوالًا وطباعًا وأسبابًا، فالشيخ جعلها براهين وعدَّدَها من باب التفصيل بعد الإجمال؛ لأنَّ الأول شامل، فإنَّ الاستدلال بالخلق على الخالق برهان شامل، وما بعده داخلٌ فيه وتابعٌ له، فمن جملة خلقِه أن خلق الذكر والأنثى، ومن جملة تدبيره تدبيرُ أمرِ المخلوقين في أحوالهم من الغنى والفقر، والقوة والضعف، واختلاف الصفات والأصوات والصور، كما ينبِّه الشيخ على أنك مع كثرة الخليقة لا تجد صوتين على حدٍّ واحد أو صورتين متطابقتين من كلِّ وجه، وإن كان هناك تشابهٌ فقد تتشابه الصور؛ كأن تتشابه صورتان مثلًا، لكن لا تكون صورة إنسانين متطابقتين بحيث لا يظهر فرق بينهما من كلِّ وجه؛ بل لا بدَّ إذا اجتمعا تُفرِّق بينهما، وتارةً يقوى الشَّبه فيشتبه على بعض الناس، وهو مَنْ لا يدقق، وكل هذه الأمور من آيات الله الدالة على وجوده وعلى حكمته وقدرته ، قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٠)[البقرة].

* * *

<<  <   >  >>