للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العلمَ بالنوع الأول فهو الذي كفر بما أُنزل على محمد، ومَن ادَّعى الثاني فقد يكون صادقًا وقد يكون كاذبًا، كما دلَّ هذا الحديثُ على حُكمِ مَنْ أتى كاهنًا أو عرَّافًا فصدَّقه بما يقول، وهو أنَّه قد كفر بذلك، وفي هذا الكفرِ للعلماء ثلاثة أقوال:

قيل: إنَّه كفرٌ أكبر؛ أي مخرجٌ من الملَّة، فمَن يفعل ما ذُكر فهو مرتدٌّ.

وقيل: إنَّه كفرٌ دون كفرٍ؛ أي: معصيةٌ من كبائر الذنوب (١).

وقيل بالتوقُّفِ عن الجزم بأحد الحُكمين، وإجراءِ الأحاديثِ على إطلاقها؛ لأنَّ ذلك أبلغ في الزجر.

وروي عن الإمام أحمد القولُ الأول والثالث (٢)، والذي يظهرُ لي -والله أعلم- أنَّ حالَ السائلين تختلف (٣)؛ فمَن كان يعتقد أنَّ الكاهنَ يعلمُ الغيبَ فهو كافر، ومَن كان لا يعتقد ذلك، بل يقول: إنَّ الكاهنَ له قرناء من الجن يخبرونَه مما يجيء به مسترقُ السمع، أو مما يشاهده الجن من أحوال الناس؛ فمثل هذا لا يكفرُ؛ بل هو عاصٍ؛ لأنَّه لم يعتقد أنَّ الكاهنَ يعلم الغيب.

قوله: (ومما يُؤسَف له أنَّ كثيرًا من المنتسبين للإسلام يشركون بالله، فيدعون غيره من الأحياء المعظَّمين، ومن أهل القبور، ويطوفون بقبورهم، ويطلبون


(١) وإليه يميل ابن القيم؛ فقد مثَّل به في الكفر الأصغر. ينظر: كتاب الصلاة (ص ٨٨ - ٩٠)، ومدارج السالكين (١/ ٥١٧ - ٥١٨).
(٢) ينظر: الفروع (١٠/ ٢١٢).
(٣) ينظر: فيض القدير (٦/ ٢٣).

<<  <   >  >>