للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فعُلم أن حرية الاعتقاد ليست على الإطلاق بل ذلك يحتاج إلى تفصيل، وقد وفَّى الشيخ المقام حقَّه بما ذكره من التفصيل.

قوله: (عدم تكفير المشركين وغيرهم من الكفار: كاليهود والنصارى والملحدين والمجوس والطواغيت الذين يحكمون بغير ما أنزل الله ولا يرضون بحكم الله، فمن لم يكفِّرهم بعد علمه بتكفير الله لهم كفر): وكذلك من شك في كفرهم كفر؛ لأن الشك في الحق كالتكذيب به، كأن يقول: والله لا ندري آليهود والنصارى على حق أم لا! أو يقول: لكلٍ أن يتدين بالدين الذي يناسبه.

قوله: (المستلزم للشرك الأكبر): يقتضي أن السحر ليس كفرًا مطلقًا بل إذا تضمَّن الشرك الأكبر، وحينئذ يكون الكفر بالشرك لا بالسحر، والأظهر أن السحر حقيقيًا أو تخييليًا كفرٌ (١)؛ لقوله تعالى عن الملكين اللذين يعلمان السحر أنهم يقولان لمن أراد تَعَلُّمَه: ﴿إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ﴾ إلى قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ﴾ [البقرة: ١٠٢]، وقال تعالى: ﴿وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى (٦٩)[طه] (٢).


(١) بناءً على أن السحر لا يخلو عن الشرك؛ لذلك فهو كفرٌ مطلقًا كما يقوله الجمهور، ومنهم مَنْ يقول: إنَّ السحر يتنوع؛ فلا يُحكم على الساحر بالكفر إلا بعد معرفة حقيقة سحره، وهذا ظاهر قول الشافعي. ينظر: حاشية ابن عابدين (٤/ ٢٤٠)، والمغني (١٢/ ٣٠٠ - ٣٠٢)، والأم (٢/ ٥٦٦ - ٥٦٧).
(٢) ينظر: الكشف عن مقاصد أبواب ومسائل كتاب التوحيد لشيخنا (ص ٤٧٩)، (ص ٤٨١ - ٤٨٣).

<<  <   >  >>