وقد اغتر بكلامه هذا بعض إخواننا السلفيين في بعض الأقطار، فلذلك وجب التنبيه
عليه.
ومن الغريب أن يخفى مثل هذا النص على ابن القيم رحمه الله مع وروده في الموطأ
وصحيح مسلم وغيرهما من الأصول التي ذكرنا، ولكن لعل الغرابة تزول إذا
تذكرنا أنه ألف هذا الكتاب " الزاد " في حالة بعده عن الكتب وهو مسافر، وهذا
هو السبب في وجود كثير من الأخطاء الأخرى فيه، وقد بينت ما ظهر لي منها في
" التعليقات الجياد على زاد المعاد ".
ومما يحمل على الاستغراب أيضا أن شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله صرح
في بعض كتبه بخلاف ما قال ابن القيم رحمه الله، فكيف خفي عليه ذلك وهو أعرف
الناس به وبأقواله؟ قال شيخ الإسلام في " مجموعة الرسائل والمسائل "
(٢ / ٢٦ - ٢٧) بعد أن ساق الحديث:
" الجمع على ثلاث درجات، أما إذا كان سائرا في وقت الأولى، فإنما ينزل في وقت
الثانية، فهذا هو الجمع الذي ثبت في الصحيحين من حديث أنس وابن عمر، وهو
نظير جمع مزدلفة، وأما إذا كان وقت الثانية سائرا أو راكبا فجمع في وقت
الأولى، فهذا نظير الجمع بعرفة وقد روي ذلك في السنن (يعني حديث معاذ هذا)
وأما إذا كان نازلا في وقتهما جميعا نزولا مستمرا، فهذا ما علمت روي ما يستدل
به عليه إلا حديث معاذ هذا، فإن ظاهره أنه كان نازلا في خيمته في السفر،
وأنه أخر الظهر ثم خرج فصلى الظهر والعصر جميعا ثم دخل إلى بيته، ثم خرج
فصلى المغرب والعشاء جميعا، فإن الدخول والخروج إنما يكون في المنزل، وأما
السائر فلا يقال: دخل وخرج، بل نزل وركب.
وتبوك هي آخر غزوات النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يسافر بعدها إلا حجة
الوداع، وما نقل