قال (أبو عمر) بن عبد البر: هكذا هو في الموطأ عند جميع الرواة مرسلا، ولم يختلف فيه، عن مالك، وذكر أن الدراوردي رواه عن ربيعة، عن الحارث بن بلال بن الحارث المزني، عن أبيه، وقال أيضا: وإسناد ربيعة فيه صالح حسن. وقال أبو محمد بن حزم في محلاه: هذا ليس بشيء؛ لأنه مرسل. ومنع ابن الجوزي تسميته بذلك، فقال في تحقيقه بعد استدلاله به: إن قيل قوله: عن غير واحد يقتضي الإرسال. قلنا: ربيعة قد لقي الصحابة، والجهل بالصحابي لا يضر، ولا يقال: هذا مرسل. قال: ثم قد رواه الدراوردي، عن ربيعة، عن الحارث بن بلال، عن بلال؛ أنه عليه السلام أخذ منه زكاة المعادن القبلية، قال: قال ربيعة: وهذه المعادن تؤخذ منها الزكاة إلى هذا الوقت. قال: ورواه ثور، عن عكرمة، عن ابن عباس، مثل حديث بلال.
قلت (القائل ابن الملقن): وله طريق آخر أخرجه أبو داود، من حديث كثير بن عبدالله بن عمرو بن عوف المزني، عن أبيه، عن جده أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أقطع بلال بن الحارث المزني معادن القبلية جلسيها وغوريها، وحيث يصلح الزرع من قدس ولم (يعطه) حق مسلم، وكتب له النبي -صلى الله عليه وسلم-: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أعطى محمد رسول الله بلال بن الحارث المزني، أعطاه معادن القبلية جلسها وغورها، وحيث يصلح الزرع من قدس، ولم يعطه حق مسلم.
قال أبو داود: ونا غير واحد، عن حسين بن محمد، نا أبو أويس، قال: وحدثني ثور بن يزيد، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مثله. زاد ابن النضر: وكتب أبي بن كعب. وكثير هذا ضعفوه، وأبو أويس عبدالله بن عبدالله أخرج له مسلم، وضعفه غير واحد.